الشوبكي: التمويل الأوروبي حاسم للأردن.. ولماذا لوّح وزير الداخلية بالهجرة للشباب؟
قال الباحث الاقتصادي المختص في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، إن صعوبة المضي في تنفيذ مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه في الأردن – الذي تُقدّر كلفته بنحو 6 مليارات دولار – بالسرعة المطلوبة، حتى مع استمرار التمويل الأميركي، تجعل من التمويل الأوروبي عنصرًا حاسمًا لإتمام الإغلاق المالي للمشروع الحيوي.
وأوضح الشوبكي أن دخول الاتحاد الأوروبي والصناديق الخضراء على خط التمويل للمكوّنين المائي والطاقة المتجددة المرتبطة بالمشروع، يساهم في تقليل مخاطر الشحّ المائي الذي يهدد الأردن، مؤكدًا أن الحلول المائية الكبرى لم تعد خيارًا بل ضرورة وجودية واستراتيجية.
وأضاف الشوبكي أن أوروبا تنظر إلى الأردن كشريك أمني واستراتيجي موثوق، وسدّ مانع أمام موجات الهجرة واللاجئين، وفاعل رئيسي في مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية، ما يجعلها مستعدة لدعم الحوكمة والإصلاح في قطاعات المياه والطاقة، وتعزيز قدرات البلديات المستضيفة للاجئين، لتجنب تكرار سيناريو الأزمات اللبنانية.
وأشار الشوبكي إلى أن الاتحاد الأوروبي وجّه إشارة واضحة بأن عمّان ستبقى نقطة ارتكاز أوروبية في الشرق الأوسط وفي حزام الأزمات المحيطة بفلسطين وسورية والعراق، من خلال تمويل خطة العمل متعددة السنوات 2025–2027 بقيمة أولية تبلغ 228 مليون يورو للحوكمة والتنمية والطاقة والمياه والاقتصاد، ضمن حزمة أعلن عنها جلالة الملك في بروكسل بقيمة إجمالية 3 مليارات يورو خلال ثلاث سنوات، تتوزع على 640 مليون يورو منحًا، و1.4 مليار يورو استثمارات، ومليار يورو دعمًا ماليًا كليًا.
وأكد الشوبكي أن هذا التمويل يشكّل رافعة مالية واقتصادية حيوية للأردن في عام 2025، في ظل أزمات اقتصادية متفاقمة، إذ بلغ الدين العام الإجمالي نحو 118% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما وصلت البطالة إلى 21%، وظلّ النمو الاقتصادي ضمن نطاق 2.5 إلى 2.7%، وهو معدل لا يواكب النمو السكاني ولا يخلق فرص العمل الكافية.
وأضاف الشوبكي أن اتساع العجز الجاري والموازنة، وتباطؤ النشاط الإقليمي نتيجة الحرب على غزة وإغلاق المعابر، فرضت على الأردن البحث عن مصادر تمويل بديلة، مشيرًا إلى أن التحرك الأوروبي يعكس توازنًا أردنيًا ذكيًا مع واشنطن، خصوصًا بعد تقليص بعض برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في الربع الأول من العام الحالي.
وقال الشوبكي: “يسعى الأردن لتعويض الفاقد من المعونات الأميركية عبر التمويل الأوروبي، خصوصًا في مجالات المياه والطاقة والإصلاح الإداري، بينما تهدف أوروبا إلى تحويل الأردن من متلقٍ للمساعدات الموسمية إلى شريك تنموي طويل الأمد في برامج استثمارية مستدامة للطاقة والمياه.”
ورأى الشوبكي أن تلويح وزير الداخلية بالهجرة للشباب يشير إلى مستوى خطير من الضغط الاجتماعي والاقتصادي، معتبرًا أن هذه التصريحات تستدعي تسريع الإصلاحات الاقتصادية والمائية لاحتواء الاحتقان وتحويل مشاريع الطاقة والمياه إلى قاطرة للاستقرار والتنمية، لا مجرد مشاريع إنفاقية.
وختم الشوبكي بالقول: “الأردن أمام نافذة أوروبية تمويلية وتنموية قد لا تتكرر، ونجاح عمّان في تحقيق إغلاق مالي رشيد لمشروع الناقل الوطني وربط الماء بالطاقة المتجددة، مع الحفاظ على التوازن الدقيق مع واشنطن، سيحسم ما إذا كانت أزمة المياه ستبقى خطرًا يُدار… أم فرصة تُستثمر لتعزيز السيادة والاستقرار الاقتصادي.