جسر معلّق لرفع معنويات المواطن وتلفريك للتحليق بأحلامه... هل وفقت الحكومة في طرحها؟

 

 

قال الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عايش إن الحكومة الأردنية تسعى، مع مطلع عامها الثاني، إلى تدشين مرحلة جديدة من العمل التنموي من خلال إطلاق حزمة من المشاريع والاستثمارات الكبرى، خصوصًا في العاصمة عمّان ومحافظتها، نظرًا لما تمثله من مركز ثقلٍ اقتصادي واجتماعي وخدمي في منظومة التنمية الوطنية.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تطوير عمّان، يعد جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تستهدف إعادة بناء البنية التحتية والفوقية على نحوٍ يُعزز من قدرة العاصمة على استيعاب التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة.

وبيّن عايش أن الحكومة تحاول عبر هذه المشاريع أن تقدم نموذجًا عمليًا للتنمية المتكاملة، وأن تُحوّل الخطط النظرية إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع، في مجالات النقل، والمياه، والصحة، والتعليم، والسياحة، مشيرًا إلى أن هذه المشاريع تمثل رافعةً لتحسين نوعية الحياة للمواطنين، من خلال توسيع نطاق الخدمات، واستثمار الإمكانات غير المفعّلة، مثل مطار ماركا، ومتابعة تنفيذ مشروع القطار الخفيف بين عمّان والزرقاء، بما يرسّخ مفهوم الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص، ويحفّز الاستثمار المحلي، ويوفر فرص عمل جديدة تسهم في تجسيد رؤية التحديث الاقتصادي.

وأشار عايش إلى أن هذه المشاريع، بما فيها مشروع "المدينة الطبية" في منطقة صويلح وناعور، تمثل حلولًا لمشكلات مزمنة يعاني منها المواطنون، موضحًا أن الهدف منها ترسيخ قواعد تنمية استراتيجية ذات أثرٍ مستدام على الاقتصاد الوطني.

ونوّه إلى أن من بين المشاريع اللافتة أيضًا مشروع "تلفريك القلعة" والجسر المعلّق، اللذان يجسّدان توجهًا نحو قراءة جديدة لإمكانات العاصمة السياحية، واستثمار طابعها الجغرافي الفريد، قائلًا إن مشروع التلفريك، على وجه الخصوص، يشكل استثمارًا مبتكرًا في القطاعين السياحي والنقلي، ويمنح العاصمة بُعدًا بصريًا وثقافيًا جديدًا يجعل منها وجهةً جاذبة للسياح والمقيمين على حد سواء، ذلك أن كلفته ليست مرتفعة مقارنةً بالعائد المتوقع منه، وأن من المهم التفكير في مشاريع مماثلة لتوسيع قاعدة الاستثمار في النقل السياحي الحضري.

وفيما يتعلق بالجسر المعلّق، لفت عايش إلى أنه يعدّ مشروعًا استراتيجيًا بامتياز، يُضاف إلى منظومة المشاريع الكبرى كـ"الناقل الوطني"، مشيرًا إلى أنه، عند تنفيذه، سيحدث نقلة نوعية في منظومة النقل داخل المملكة، وسيسهم في الحد من مشكلة الازدحامات المرورية التي يقدّر البنك الدولي كلفتها على الاقتصاد الأردني بنحو مليار ونصف المليار دينار سنويًا.

واستطرد قائلًا إن المشروع سيوفر فرص عمل واسعة، ويُنشّط الدورة الاقتصادية والتجارية، ويرفع من مستوى الإيرادات المحلية، بوصفه استثمارًا غير مباشر في الاقتصاد الوطني من خلال تحفيز الإنفاق المحلي وتحسين كفاءة الحركة الاقتصادية.

وأردف عايش أن تحديد الأولويات في هذه المرحلة أمر بالغ الصعوبة، إذ إن بعض المشاريع تندرج في آنٍ واحدٍ ضمن خانتي "الحاجة" و"الأولوية"، مشيرًا إلى أن الحديث عن مشاريع مثل "التلفريك" ليس جديدًا، وإنما هو استكمالٌ لأفكار طُرحت منذ سنوات طويلة دون تنفيذ فعلي، لتأتي هذه الحكومة محاولةً ترجمة تلك الأفكار إلى واقع عملي ينعكس على النشاط السياحي والنقلي في العاصمة.

وأوضح أن المشاريع المعلنة، رغم اختلاف التوجهات بشأن أولوياتها، تمثل في مجموعها حزمةً اقتصادية متكاملة تُظهر التزام الحكومة بإنجاز ما تعهّدت به، وتمنح المواطنين شعورًا بجدوى العمل التنموي، بعيدًا عن نموذج المشاريع المعزولة التي لا تترك أثرًا ملموسًا على الحياة اليومية.

وصرّح عايش أن هذه الخطوات تعكس، في جوهرها، انتقال الحكومة من مرحلة "الحديث عن التحديث" إلى "مرحلة التنفيذ الواقعي"، مشددًا على أن ما يجري يمثل ترجمة عملية لرؤية التحديث الاقتصادي، بعد تجاوز المراحل التمهيدية، والدخول في مسار التنفيذ الفعلي.

وأكد أهمية إدارة هذه المشاريع ضمن إطار استراتيجي واضح يضمن شفافيتها وكفاءتها التمويلية، ويوازن بين كلفها والعائد التنموي المتوقع منها، بحيث لا تشكّل عبئًا على الاقتصاد الوطني، مع تشديده على ضرورة التزام الحكومة بالجدول الزمني والتمويل المسؤول، وأن تُبقي المواطن في قلب العملية التنموية، بوصفه المستفيد الأول من أي مشروع أو إنجاز.