الصبحيين يكتب: أسباب الطلاق في الأردن هذه الأيام

 

د. علي موسى الصبحيين

ali_mas200@2yahoo.com

يلاحظ أن هناك مجموعة من الأسباب التافهة والبسيطة والصغيرة التي تقف وراء ظاهرة الطلاق في الأردن، مثل: النزاع حول أمور منزلية بسيطة مثل الملح الزائد، طريقة تقديم الطعام، نوع طبخة ما طلبها أحد الطرفين، أو تدخلات الأهل السلبية في شؤون الزوجين، والخلافات حول المناسبات الاجتماعية، أو أسباب مثل الغيرة، وعدم الاستجابة للتنبيه والأمر من الزوج، أو سوء تفسير عبارة قيلت، كما قد تشمل الأسباب المزاح الذي يتجاوز حدوده، أو سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، كمنشور خاطئ، تعليق خاطئ، أو مزحة خاطئة.

كما قد يكون الطلاق في صالة العرس بسبب أغنية لأم العروس وأشقائها لا تروق لأم العريس، أو صورة جماعية، أو رقصة ما، وحتى أحيانًا ترتيب الأشخاص في الصورة، أو الخلاف على نقوط العروس لمن تكون، للأم أم للعريس، أو مزاح يسبب إحراجًا كبيرًا، رقصة أو دفع غير مبرر من وجهة الطرف الآخر.

وقد يحدث بعد العرس مثل المزاح الثقيل، أو نشر صور للزوج وهو نائم في مجموعات العائلة، أو رفع الصوت في وجه الزوج، أو سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتفاعلات عليها (الخيانة الإلكترونية)، أما الأسباب المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية والتدخلات فهي كثيرة، مثل التدخل السلبي من الأقارب في شؤون الزوجين، الخلافات المتعلقة بالمناسبات الاجتماعية، الغيرة المفرطة بين الزوجين بسبب بعض الأقارب، أو أسباب تتعلق بالضغوط الخارجية كالضغوط الاقتصادية والمالية، كالاستيلاء على راتب الزوجة أو الخلاف على بطاقة الصراف.

أصبح هناك تغليب للمزاج على الدين، والعادات والتقاليد العائلية، والروابط الاجتماعية المقدسة، فالزواج رابطة مقدسة بين شريكين، وهدف الزواج في الإسلام هو بناء أسرة مستقرة وآمنة ومطمئنة تحقق السكن والمودة والرحمة بين الزوجين، وتحقق العفاف وإحصان الفرج، وتكاثر النسل لتعمير الأرض، وتكوين أسرة صالحة تكون لبنة لبناء مجتمع صالح وصحي، يؤدي إلى الاستقرار النفسي والروحي، والوصول إلى الكمال الإنساني من خلال أدوار الأبوة والأمومة.

تتجلى الأهداف السامية للزواج في تحقيق العفاف والسكن النفسي، ويُعد الزواج وسيلة مشروعة لإشباع الرغبة الجنسية، يحفظ النفس من الوقوع في الحرام، ويوفر للزوجين الشعور بالراحة النفسية والسكينة، حيث قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}. ومن الأهداف الرئيسة التكاثر واستمرارية النسل وإنجاب الذرية الصالحة التي تكون امتدادًا للزوجين في حياتهما وبعد وفاتهما، وكذلك لزيادة أعداد الأمة الإسلامية، كما ورد في الحديث: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم".

فالأسرة الصالحة هي الخلية الأولى في بناء المجتمع، لكن العالم المتغير اليوم بالقيم والأخلاق، ومشكلات الحياة الاقتصادية والاجتماعية وظروفها، وخاصة الاقتصادية، ألقت بظلالها على ظاهرة الطلاق، وكانت من أقوى الأسباب برأيي. أسأل الله الستر والعفاف للأسر في عالمنا العربي، وأرى مجموعة من النقاط المهمة لوقف الظاهرة والتصدي لها، ومنها:

أولاً: اتباع الدين في العادات والتقاليد وأعراف المجتمع السليمة في المحافظة على الأسرة.

ثانياً: اللجوء إلى الحكمة من جميع الأطراف، الزوجين وأهاليهم.

ثالثاً: الوعي، فالجهل سبب كثير من وقوعات الطلاق.

رابعاً: الرجل القوام المتحمل للمسؤولية الذي يضع الحدود للآخرين للحفاظ على بيته وزواجه وأسرة مستقرة.

خامساً: ممارسة نشاطات دينية واجتماعية ورياضية معًا، مما يساهم في التآلف والرحمة بين الزوجين.