العبادي يكتب: الفاشر... دمٌ يصرخ في وجه الصمت العربي والإسلامي

 

بقلم د.فوزان العبادي

في قلب دارفور، تُحاصر مدينة الفاشر وتُسحق تحت آلة حربٍ عمياء، بينما يقف العالم، والعرب والمسلمون على وجه الخصوص، في دائرة الصمت. مدنيون يُقتلون بلا ذنب، ومستشفيات تُقصف، وطرقات تُقطع، وحياةٌ تُزهق في وضح النهار، كأنها لا تخصّ أحداً منّا.

ما يجري في الفاشر ليس اشتباكاً عسكرياً عابراً، بل جريمة إنسانية مكتملة الأركان. مجازر، تهجير، تجويع، واغتصاب للقيم قبل الأجساد. إنها سياسة متعمدة لطمس مدينةٍ بكاملها، ولزرع الخوف في كل دارفور. ورغم كل ما كُشف من تقارير أممية ومن شهادات ميدانية، ما زال الموقف العربي والإسلامي دون الحد الأدنى من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية.

الصمت هنا جريمة، والحياد مشاركة في القتل. لا يجوز أن تكتفي عواصم العرب والمسلمين ببيانات خجولة أو نداءات باردة. على الدول العربية والإسلامية أن تتحرك بوزنها الحقيقي:
أن تضغط سياسياً ودبلوماسياً لوقف الحرب فوراً، وأن تفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات، وأن تدعم تحقيقاً دولياً لمحاسبة من تلطخت أيديهم بالدماء. فالقضية ليست داخلية، بل امتحان للضمير الجمعي لهذه الأمة.

الفاشر اليوم تُختبر فيها إنسانيتنا جميعاً. وإن لم يتحرك العرب والمسلمون لإنقاذها، فسيُكتب في سجل التاريخ أن الأمة التي كانت تقول "الجسد الواحد" تركت أحد أعضائها ينزف حتى الموت كما تفعل الان بغزة.

الفاشر لا تطلب المستحيل... فقط تطلب أن يسمع أحد صرختها. فهل بقي في شرايين هذه الأمة دمٌ يغلي من أجل الإنسان؟