عبيدات لـ"أخبار الأردن": ما حدث في "الأردنية" ينذر بنتائج وخيمة
قال الخبير التربوي والاجتماعي الدكتور ذوقان عبيدات إن ما حدث مؤخرًا في الجامعة الأردنية لا يُمكن تصنيفه ضمن إطار "العنف الجامعي" بالمعنى الأكاديمي أو المؤسسي، وإنما يُمثّل انعكاسًا مباشرًا لعنفٍ مجتمعي متجذّر في البنية الاجتماعية الأردنية، تسلّل إلى الحرم الجامعي متجاوزًا أسواره الرمزية والتعليمية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن العنف الجامعي الحقيقي هو الذي يتولد نتيجة خلل في البيئة الأكاديمية ذاتها، سواء أكان ناجمًا عن توترٍ بين الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية، أو بسبب غياب العدالة داخل المؤسسة التعليمية، أو ضعف إدارة العلاقات داخلها، أما ما حدث – بحسب وصفه – فهو عنف مستورد من الخارج، جرى نقله إلى فضاء الجامعة، محمّلًا بمنظومة قيم قبلية وعشائرية تتناقض جوهريًا مع فلسفة التعليم الجامعي المدني.
وبيّن عبيدات أن المشاجرات التي تشهدها الجامعات بين الطلبة لا تبقى في إطارها الشخصي، وإنما تتوسع لتصبح مواجهة بين العشائر والجهويات، لأن الطالب في المجتمع الأردني، كما يقول، يستمد هويته وقيمته الاجتماعية من انتمائه العشائري لا من ذاته الفردية أو من موقعه الأكاديمي، وهو ما يعكس إشكالية أعمق تتجاوز حدود الجامعات، لتطال طبيعة البنية الثقافية والسياسية للمجتمع الأردني بأسره.
وأشار إلى أن النظامين التربوي والسياسي لم يتمكّنا حتى الآن من بناء هوية وطنية جامعة قادرة على احتواء التنوع الاجتماعي والثقافي ضمن إطارٍ وطنيٍ متماسك، ما جعل الكثير من الأفراد، خصوصًا الشباب، يعودون إلى مظلاتهم التقليدية – العشيرة أو القرية أو المدينة – طلبًا للانتماء والحماية، في ظل غياب منظومة وطنية متكاملة تمنحهم هذا الإحساس بالانتماء والاعتزاز بالمواطنة.
وتابع الخبير التربوي أن المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة هو إعادة صياغة المشروع الوطني التربوي والسياسي على أسس حديثة، تستند إلى تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، وترسيخ قيم المواطنة المتساوية، والعدالة الاجتماعية، والتعددية الفكرية، معتبرًا أن بناء نظام سياسي يوحّد المجتمع يجب أن يسير بالتوازي مع نظام تربوي حديث ينشر ثقافة الانتماء للوطن بدل الانغلاق في الأطر الضيقة.
وشدد عبيدات على أن معالجة ظاهرة العنف داخل الجامعات لا يمكن أن تكون أمنيّة الطابع فقط، إذ يجب أن تكون ثقافية وتربوية في جوهرها، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في ترسيخ التربية المدنية في المناهج التعليمية منذ المراحل الأولى، بحيث يتعلم الطلبة قيم الحوار، واحترام الاختلاف، والاعتزاز بالهوية الوطنية الجامعة بعيدًا عن العصبيات الضيقة.
واستطرد قائلًا أن الجامعة منبر وطني لصناعة الوعي الجمعي، وأن مسؤولية حمايتها من مظاهر العنف تقع على عاتق المجتمع بأسره، عبر بناء ثقافة وطنية جديدة تقوم على قيم الانفتاح، والمسؤولية، والانتماء الأصيل للوطن الأردني.