"حظر ترامب" يبدد أحلام آلاف المشجعين من كأس العالم 2026
بطولة كأس العالم التي كان يُفترض أن تكون احتفالًا عالميًا بالوحدة والرياضة، تحولت تدريجيًا إلى حدث مثير للجدل سياسيًا وإنسانيًا، بعد أن أقصت سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عشرات الآلاف من الجماهير من حقهم في المشاركة بهذا العرس الكروي العالمي.
فرغم الوعود المتكررة من الرئيس الأمريكي باستقبال “المشجعين من جميع أنحاء العالم” في مونديال 2026، الذي سيُقام بالاشتراك بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، إلا أن الواقع يبدو أكثر قتامة.
فبسبب القيود الجديدة على دخول الأجانب، كما تقول صحيفة لوموند، سيُحرم عدد كبير من المشجعين من حضور البطولة.
ففي السادس من مايو، أعلن ترامب خلال مؤتمر صحفي عن استعداده “لتقديم بطولة بلا عقبات”، مجددًا ترحيبه بأكبر حدث رياضي في التاريخ.
لكنه، بعد أسابيع قليلة، فرض في التاسع من يونيو قرار “حظر السفر” (Travel Ban) الذي يمنع دخول مواطني 12 دولة إلى الأراضي الأمريكية.
ومن بين المتضررين الإيرانيون، الذين تأهل منتخبهم إلى نهائيات كأس العالم للمرة الرابعة على التوالي. ورغم أن لاعبي المنتخبات ومدربيهم سيُستثنون من الحظر، فإن المشجعين والصحفيين وبقية المرافقين لن يُسمح لهم بالدخول.
كما مُنعت البعثة الإيرانية رسميًا من حضور قرعة المجموعات المقررة بواشنطن في الخامس من ديسمبر، بقرار شخصي من ترامب، بحسب ما أكده المتحدث باسم الاتحاد الإيراني لكرة القدم.
بلدان أخرى مهددة بالاستبعاد
لم يتوقف الأمر عند إيران، إذ شمل الحظر هايتي، التي لا تزال تسعى إلى حجز بطاقتها للمونديال.
كما تفكر الإدارة الأمريكية في توسيع القائمة إلى 36 دولة إضافية، من بينها السنغال ومصر وساحل العاج، وجميعها منتخبات تأهلت رسميًا للبطولة.
إلى جانب المنع المباشر، تواجه دول أخرى أزمة تأخر في إصدار التأشيرات بسبب تشديد إجراءات الفحص الأمني. فالمتقدمون من كولومبيا ينتظرون نحو 15 شهرًا للحصول على تأشيرة، وهو ما يعني استحالة السفر في الموعد المحدد.
أما القادمون من كوستاريكا وهندوراس ففترة الانتظار تمتد إلى عشرة وثمانية عشر شهرًا على التوالي، بينما يعاني الغانيون والمغاربة والجزائريون من تأخيرات تتراوح بين أربعة وسبعة أشهر.
حتى المكسيكيون مهددون بالحرمان
الوضع في المكسيك – الشريك المنظم – يبدو خاصًا، إذ ستُلعب مباريات الدور الأول هناك، لكن اعتبارًا من ربع النهائي فصاعدًا ستُقام جميع اللقاءات في الولايات المتحدة، ومع فترات انتظار تتراوح بين ثمانية وعشرين شهرًا للحصول على التأشيرة، يخشى آلاف المشجعين المكسيكيين من عدم تمكنهم من متابعة منتخبهم في الأدوار المتقدمة.
وفي سابقة أخرى، اضطر منتخب السيدات السنغالي لكرة السلة في يونيو الماضي إلى إلغاء معسكر تدريبي في أمريكا بعد رفض طلبات التأشيرة، كما تجنبت زيمبابوي استدعاء لاعبات محترفات في الولايات المتحدة خوفًا من منع عودتهن لاحقًا، بحسب صحيفة “ذا غارديان” البريطانية.
الخوف من الملاحقات والتمييز
القيود الجديدة ترافقها أجواء خوف متزايدة بين المهاجرين والمشجعين من أصول لاتينية، في ظل حملات الترحيل التي تشنها إدارة ترامب. يقول توماس كينيدي، من “التحالف من أجل حقوق المهاجرين في فلوريدا”: “الكثير من الناس يخشون الذهاب إلى الفعاليات الكبرى مثل المباريات، ولدينا شهادات تؤكد ذلك. من الواضح أن كثيرين سيترددون في السفر إلى الولايات المتحدة خلال كأس العالم”.
وخلال مونديال الأندية 2025، لاحظ مراسلو “لوموند” غيابًا واضحًا للجماهير اللاتينية بسبب مخاوف من مداهمات شرطة الهجرة (ICE)، ما أثار جدلاً حول مدى أمان البيئة للمشجعين الأجانب.
البيت الأبيض يبرر ويصر على “الانضباط”
ورغم الانتقادات، تدافع الإدارة الأمريكية عن سياساتها الصارمة. فقد صرح نائب الرئيس جي. دي. فانس في السادس من مايو: “سنستقبل زوارًا من نحو مئة دولة، ونريدهم أن يستمتعوا ويشاهدوا المباريات، لكن حين تنتهي البطولة يجب أن يعودوا إلى بلدانهم”.
بهذا الموقف، تبدو وعود ترامب بجعل المونديال رمزًا للفخر والضيافة الأمريكية مهددة بالانهيار، فيما يرى مراقبون أن سياسة الهجرة الصارمة قد تحرم البطولة من روحها العالمية التي طالما ميزت كرة القدم.