فيتو أميركي على عباس ورفض عربي لنتنياهو يعقدان قمة شرم الشيخ

 

قال الخبير العسكري محمد المغاربة إن المشهد المحيط بالقمة المرتقبة في شرم الشيخ يندرج اليوم تحت عنوانين مترابطين هما إصرار أميركي على مشهد احتفالي يخلّد "صفحة تاريخية" محسوسة بصيغة صورة، ورفض عربي إسلامي واضح لمشاركة نتنياهو، ما أنتج حالة من الارتباك المؤسسي وصعوبة واقعٍ في التسويق السياسي واللوجستي لآلية توقيع تُرضي جميع الأطراف.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ما يتم تناقله عن وجود "فيتو أميركي" يقيّد مشاركة الرئيس محمود عباس في المشهد الاحتفالي لا ينبغي قراءته بمعزل عن البُعد الرمزي والصوروي الذي يسعى لصياغته الرئيس الأميركي؛ فالهدف الأميركي ـ كما يرى المغاربة ـ تمثّل في إنضاج لحظة بصرية تعكس إنجازًا سريعًا، لكن هذه الرغبة التصويرية اصطدمت فورًا بواقع سياسي عملي يتمثل في عدم وجود طرف فلسطيني مؤهل أو متحدّث رسمي يمكن لنتنياهو التوقيع إلى جانبه في هذه المرحلة.

وأشار المغاربة إلى أن ثنائية "الاحتفالية" و"الشرعية التمثيلية" تفرزان مأزقًا جوهريًا، فمن جهة يريد ترامب حشد لحظة احتفالية مهيبة تُعرض كدليل على اختراق دبلوماسي، ومن الجهة الأخرى ثمة معارضة عربية وإسلامية علنية أو ضمنية لحضور نتنياهو كطرف مفوض لتوقيع اتفاق يُفعل على الأرض ـ وهو ما يضع القاهرة وسائر العواصم العربية أمام حرج سياسي ودبلوماسي عميق في حال تم إقحام القمة بصورة لا تحترم الحدّ الأدنى من الإجماع الإقليمي.
ولفت إلى أن المحور الثالث في هذه المعادلة هو موقف عباس؛ إذ إن ثمة قراءة لدى مجموع من اللاعبين الإقليميين والدوليين تعتبر أن عباس ليس الطرف الذي تفاوض أو الذي سيمتلك أداة تنفيذ فعلية للاتفاق، ما يعقّد إدماجه في "صورة النصر" التي يريدها البيت الأبيض، وبالتالي فإن الإدارة الأميركية تواجه معضلة، إما أن تتنازل عن جزء من مآربها التصويرية، أو أن تُقدِم على فرضية سياسية قد تفتقر إلى مشروعية تمثيلية فلسطينية تُجعل من توقيع القمة مُجدياً وقابلاً للتنفيذ.

وبيّن المغاربة أن الإشكالية العملية تتعدّى مسألة التأثير السياسي إلى مخاطر استراتيجية وأمنية؛ فمنطق استبعاد أحد طرفي الصراع عن منصّة تفاوض أو عن «صورة» الاتفاق، أو ظهور حلّ بلا تمثيل فلسطيني واضح، قد يترك فراغًا شرعيًا وقنابل تأجيج ميداني تُستغلّ لاحقًا لإبطال أي تسوية على الأرض.

وأضاف أن نتنياهو، من جانبه، يحاول استثمار القمة لاستعادة بريق سياسي وإقليمي دون أن يتحمّل التزامات مباشرة، والتي تظهر من خلال حضور المشهد من دون توقيع؛ وهو ما يمثّل بالنسبة له "مقايضة رمزية" تفيده داخليًا وإقليميًا، أما بالنسبة للعرب، فالمعضلة تكمن في كيفية إخراج عباس من المشهد أو التفاوض معه على صيغة "غير حضوره" من دون أن يُفهم ذلك كتنازل أو تهميش للشرعية الفلسطينية، وهو ما يتطلب ـ بحسب المغاربة ـ "خريطة تفاهم عربية دولية دقيقة، وتضامنًا سياسيًا يصاحب أي قرار.

وحذّر من أن المهلة المتاحة لا تتجاوز 48 ساعة لصياغة توليفة سياسية وقانونية قابلة للعرض، وإلا فإن القمة ستنكفئ إلى صورةٍ فارغة أو تصطدم بعقبات تمس مصداقيتها ومردودها العملي، وأن المطلوب الآن هو مزيج من الواقعية السياسية والمرونة الرمزية، يتسق مع ثوابت الشرعية الفلسطينية ويتيح في الوقت ذاته للجانب الأميركي إتمام هدفه الاتصالي البصري دون تفريط في عناصر التنفيذ والشرعية.

وخلص إلى أن أي مقاربة بديلة يجب أن ترتكز على ثلاثة عناصر متصلة هي: ضمان تمثيل فلسطيني موثوق قابِلًا للتنفيذ، صيغة توقيع انتقالية تفضي إلى آليات رقابية وإقليمية، وإطار زمني واضح يرافقه ضمانات أممية وإقليمية تحول دون بقاء أي فراغ شرعي أو أمني على الأرض.