طرح بدائل لحبس المدين المُعسر

 

الباحث القانوني رائد طبيشات

دولة رئيس الوزراء الأكرم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أما بعد،

اسمح لي أن أضع أمام دولتكم بعض الحلول غير المستحيلة، وذلك لحفظ التوازنات وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز شبكة الأمان والاستقرار الاجتماعي، انسجاما مع الرؤية الملكية السامية في بناء منظومة متكاملة من الخدمات التي تحقق التكافل الاجتماعي بالمعنى الحقيقي، وبمشاركة القطاع الخاص وجميع مؤسسات المجتمع المدني، ولإنهاء الصراع الوهمي الذي يختلقه بعض أصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين، ممن يتمسكون بعقيدة التخلف العقلي المتمثلة في الإبقاء على الحبس غير المجدي للمدين المعسر.

أولا:

نظرا لأن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تمتلك حصصا استراتيجية في رؤوس أموال معظم البنوك الأردنية، وقد بلغت حصة الضمان من التوزيعات النقدية لهذه البنوك مجتمعة من أرباحها لعام 2023 نحو 59 مليونا و900 ألف دينار،

فلماذا لا يتم إنشاء صندوق يتولى المساهمة في السداد عن المتعثرين ماليا لدى البنوك والشركات والمؤسسات التمويلية والإقراضية؟

وذلك على اعتبار أن مؤسسة الضمان هي مؤسسة ضامنة للشعب اجتماعيا.

ثانيا:

طالما أن هناك شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص المتمثل في البنوك وغرف التجارة والصناعة والشركات الكبرى ورجال الأعمال والجمعيات الخيرية،

وأسوة بدولة عربية أنشأت صندوقا لمعالجة الديون المتعثرة بالتعاون مع سبعة بنوك وطنية، وتمكنت من إعفاء (1935) مواطنا من ديون بقيمة (325) مليون درهم، بهدف تحقيق الاستقرار الأسري وتوفير سبل الراحة والرفاهية وتحفيز المواطنين على العمل والمشاركة في نهضة الوطن،

فلماذا لا نحذو حذو هذه الخطوة، بحيث لا يقع العبء على الحكومة وحدها، بل على البنوك وغرف التجارة والصناعة أيضا، وغيرها من الشركاء؟

ثالثا:

منطقيا وقانونيا وأخلاقيا، لا يُعدّ المدين المعسر مجرما، ولا مخلّا بالأخلاق أو الآداب العامة، وهذا ما أقرّته جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.

فلماذا التشدد في عدم إصدار شهادة عدم المحكومية لتمكينه من العمل داخل وطنه؟

ولماذا يُمنع من الحصول على شهادة حسن سيرة وسلوك من دائرة المخابرات العامة للعمل خارج الأردن؟

أليس هذا موضوعا يستحق الاهتمام؟

رابعا:

القيد الأمني الذي يرافق المواطن المخطئ لأول مرة أو الثانية، وحتى في الجنح البسيطة ولسنوات طويلة،

أليس هذا أيضا موضوعا يستحق الاهتمام، وإنهاء الجدل حوله ليتمكن المواطن من العمل وتحقيق الاستقرار الأسري والأمني في الوطن؟

خامسا:

هناك ضرورة ملحة لمنع تغوّل البنوك والمؤسسات التمويلية والإقراضية، ووقف الارتفاع الفاحش في نسب الفائدة والأقساط المبالغ فيها دون رقابة أو مساءلة.

لذا، يجب وضع ضوابط جديدة وتعديلات قانونية لحماية المجتمع بأكمله، خصوصا أن البنوك استحوذت مؤخرا على أكثر من (12) ألف شقة سكنية بالمزاد العلني.

هل يُعقل ذلك يا دولة الرئيس؟

سادسا:

ضرورة إعادة النظر في أسس صرف المعونات الشهرية من صندوق المعونة الوطنية، والدعم التكميلي الموحد، وصندوق الزكاة، والصناديق الأخرى، ورفعها لمن يستحق، مع توسيع دائرة الشمول بالمعونات الشهرية عبر تخفيف شروط الصرف المعقدة، للحد من ظاهرة التسوّل المتزايدة.

سابعا:

تجب مراجعة قرارات منع السفر وتقليصها لتقتصر على الجرائم الخطِرة، مع إتاحة حرية التنقّل والسفر للمواطنين للعمل، استنادا إلى المادة (9) من الدستور الأردني، والالتزام بالمادة (26) من قانون التنفيذ.