تصريحات تقلب الموازين... حقيقة انهيار حزب الله

 

في تعليقه على تصريحات أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، التي تحدث فيها عن احتمال عودة حزب الله اللبناني بقوة عسكرية "تقلب الموازين"، اعتبر مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية الأستاذ الدكتور نبيل العتوم، أن هذه التصريحات تمثل حزمة مركبة من الرسائل الموجهة إلى الداخل اللبناني، والوكلاء الإقليميين لإيران، والولايات المتحدة وإسرائيل في آن واحد.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية، أن الرسالة الأولى استهدفت البيئة الحاضنة لحزب الله عبر محاولة رفع معنويات جمهوره، وتأكيد امتلاك الحزب القدرة على استعادة زمام المبادرة رغم الخسائر الثقيلة التي مُني بها، بما في ذلك اغتيال أمينه العام حسن نصر الله وعدد من قياداته البارزين.

أما الرسالة الثانية، فهي موجهة إلى وكلاء إيران في المنطقة من الميليشيات والحركات المسلحة، للتأكيد أن الضربات الإسرائيلية لم تنل من جوهر القوة العسكرية للحزب، وبالتالي الحفاظ على تماسك محور طهران، كم اجاء على لسان العتوم.

وأشار إلى أن الرسالة الأبرز تتجه إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، ومفادها أن حزب الله ما يزال أداة استراتيجية بيد طهران، يمكن تفعيلها كورقة ضغط وردع ضمن معادلة "تعدد الملفات"، التي اعتادت إيران استخدامها في مفاوضاتها وصراعاتها الإقليمية.
واستطرد العتوم قائلًا إن توقيت تصريحات لاريجاني يتزامن مع نقاشات لبنانية متصاعدة بشأن حصر السلاح بيد الدولة وتجريد حزب الله من ترسانته العسكرية، وهو ما تعتبره إيران "خطًا أحمر"، لارتباط الحزب بأمنها الاستراتيجي وبقدرتها على مقايضة القوى الدولية في أي تسوية مقبلة.

ولفت إلى أن اغتيال نصر الله أحدث فراغًا قياديًا عميقًا داخل الحزب، دفع طهران إلى التدخل المباشر عبر الحرس الثوري الإيراني، الذي بات يتولى القيادة الفعلية من خلال إدخال قيادات بديلة من الصفين الثاني والثالث، لكنها – بحسب العتوم – تفتقر إلى الكاريزما والخبرة الميدانية التي ميزت القيادة السابقة.

ونوّه العتوم إلى أن هذا التحول أفقد الحزب جزءًا كبيرًا من استقلاليته الوطنية، وجعله أكثر التصاقًا بالأجندة الإيرانية، حيث تحوّل عمليًا إلى ذراع ميدانية بقرار مركزي صادر من طهران، مردفًا أن ذلك يشي بانزلاق الحزب إلى حالة "وصاية إيرانية مباشرة" في ظل محاولات إعادة الهيكلة الداخلية.

واختتم حديثه بالقول إن حزب الله يقف اليوم أمام معادلة شديدة التعقيد، فهو من جهة يسعى لإثبات قدرته على الصمود وإعادة التموضع بعد الضربات المؤلمة، ومن جهة أخرى يواجه أزمة داخلية خانقة مرتبطة بالقيادة والشرعية الشعبية والموارد اللوجستية، أما إيران، فهي تسعى لاستثماره كورقة تفاوضية في صراعها الأوسع مع إسرائيل والولايات المتحدة، في لحظة إقليمية تتسم باحتدام الاستقطاب وإعادة رسم خرائط النفوذ.