خطاب ترمب في الأمم المتحدة... خطير لهذه الأسباب
قال الباحث في العلاقات الدولية والشأن الأمريكي الدكتور كمال الزغول إنّ خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في منبر الأمم المتحدة، الذي يُفترض أن يكون منصة للخطاب الأممي الجامع، لم يخرج عن نمطه المعتاد القائم على الأدلجة المفرطة، والانعزالية المتعالية، والتناقضات التي تعكس نزعة نرجسية متجذرة في شخصيته السياسية
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ما حمله من مواقف وتصريحات يؤكد أنّ الرجل لا يزال يراوح في مربع صناعة الأزمات بدل المساهمة في حلّها، إذ وصف ترمب، على سبيل المثال، الوضع في العاصمة البريطانية لندن بأنه "رهيب"، مهاجمًا عمدتها صادق خان، ومضيفًا – بلهجة لا تخلو من تحريض ثقافي وديني – أن لندن ستشهد "تطبيق الشريعة الإسلامية قريبًا".
وبيّن الزغول أن هذا التصريح يمثّل تدخّلًا فجًّا في الشؤون الداخلية للمملكة المتحدة، ويكشف عن حجم الاضطراب في رؤية ترمب لعلاقات الولايات المتحدة مع حلفائها التاريخيين.
ونوّه إلى أن خطابه لم يتوقف عند حدود لندن، وإنما تعدّاه إلى الادعاء بإنهاء صراعات دولية معقّدة دون أي أساس واقعي، فقد أعلن أنه أنهى سبع جبهات صراع في العالم، من بينها حرب مصر وإثيوبيا – رغم أن لا وجود أصلًا لحرب مباشرة بينهما، وإنما أزمة دبلوماسية حول ملف سد النهضة – كما زعم أنه أنهى حربًا بين أذربيجان وأرمينيا، مع أن وقف إطلاق النار هناك جرى بوساطة روسية وتركية، بعيدًا عن أي دور أمريكي مباشر في تلك المرحلة.
وأردف الزغول أن ترمب لم يكتفِ بذلك، إذ أشار إلى إنهاء حرب الكونغو، في حين أن الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا، إذ تمتلئ البلاد بعشرات الميليشيات المتناحرة، بينما لا يتجاوز تدخل ترمب حدود التعامل مع ميليشيا واحدة هي حركة "M23"، دون أي معالجة جذرية لمعضلة الصراع الكونغولي المتشابك.
وأشار إلى أن ادعاءه إنهاء الحرب بين الهند وباكستان لا يستند إلى أي وقائع، إذ إن الأزمة تم احتواؤها عبر خط الاتصال العسكري الساخن بين ضباط الارتباط في البلدين، بعيدًا عن أي وساطة أمريكية فاعلة.
ولفت الزغول الانتباه إلى أن حصيلة خطاب ترمب تعكس جفافًا سياسيًا وفكريًا خطيرًا، إذ لم يتضمن أي إشارات إلى قيم الديمقراطية أو مبادئ الحرية التي يفترض أن تعكسها القيادة الأمريكية، بل على العكس، هيمنت عليه نزعة الانعزالية، وتغذية نيران الكراهية، وتوظيف العرق والهجرة كأدوات سياسية داخلية وخارجية.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن خطاب ترمب، بما يحمله من مراوغة وشقاق، لا يمكن قراءته بوصفه رؤية تحمل أفقًا للتوافق أو التفاهم الدولي، وإنما امتدادًا لنهج يقوم على تضخيم الذات، وتزييف الإنجازات، وتسويق الوهم السياسي على أنه بديل عن الواقع.