الدباس يكتب: ثلاثة نواب .. في السجن .. والسبب هو فلسطين!
الدكتور محمود عواد الدباس
1/3
في السنوات الأربع الماضية وإلى يومنا هذا، كانت فلسطين هي السبب الرئيس في سجن ثلاثة نواب أردنيين: أسامة العجارمة، وعماد العدوان من مجلس النواب السابق، ثم وسام اربيحات من مجلس النواب الحالي. كانت البداية في الأزمة التي مرّ بها النائب السابق أسامة العجارمة، حينما اعترض داخل مجلس النواب، خلال مداخلة له، على قطع الكهرباء عن عدة محافظات – حسب قوله – لإعاقة مسيرة العشائر نصرةً لفلسطين. في تلك الجلسة، ونتيجة لكلمة قاسية صدرت منه وصف بها مجلس النواب، فقد تم تجميد عضويته بقرار من غالبية أعضاء المجلس. لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، حيث تطورت أكثر وأكثر، حينما دخل العجارمة في بداية الدعوة نحو خطاب العصيان العشائري. نتيجة لذلك، تم فصله من عضوية مجلس النواب، كما تبع ذلك الحكم عليه من قبل محكمة أمن الدولة بالسجن لمدة طويلة، وها هو في السجن منذ ذاك الوقت. أما النائب السابق عماد العدوان، فقد تم إلقاء القبض عليه من قبل إسرائيل، وهو في طريقه إلى الضفة الغربية، حيث كان يهرّب أسلحة إلى هناك لدعم المقاومة. تبع ذلك، وبعد أن تم تسليمه إلى السلطات الرسمية الأردنية، أن رُفعت الحصانة البرلمانية عنه، ثم صدر حكم بحقه مع آخرين من قبل محكمة أمن الدولة. وها هو منذ سنتين في السجن. أما الأخير، وهو النائب الحالي في مجلس النواب الأردني، وسام اربيحات، فقد تم إيقافه مع آخرين بتهمة غسل الأموال، حينما نشط مع آخرين في جمع تبرعات لصالح غزة بطريقة مخالفة للقانون – حسب قول الدولة.
⅔
ربما أنه من المناسب محاولة التوقف قليلاً حول دوافع هؤلاء الثلاثة. مع التذكير ابتداءً أنهم جميعاً من خلفية عشائرية، لكن بتوجهات سياسية مختلفة: العجارمة: كان دافعه في التحرك نحو نصرة فلسطين هو حماية الهوية الوطنية الأردنية، وفقاً لقناعته السياسية. كما أن هويته القبلية كانت واضحة تماماً؛ يؤكد ذلك استحضاره لتاريخ رموز عشائرية من قبيلة العجارمة في تمرّدها على النظام السياسي في بداية تأسيس الدولة الأردنية، حينما كانت إمارة لا مملكة. لقد كانت تلك الرموز نموذجاً يسعى أسامة العجارمة إلى التشبه بها.اما العدوان: فقد كان دافعه في تحركاته هو البعد القومي في نصرة فلسطين. نعم، إن هويته القبلية واضحة تماماً لدى الآخرين، لكنه شخصياً لم يكن يبرزها. أما اربيحات: فقد كان تحركه نحو غزة بدافع البعد الإسلامي، يعزز ذلك عضويته في حزب جبهة العمل الإسلامي، الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. أما المعزز الآخر في حالته، فهو الطابع السياسي المميّز الذي عُرف به حي الطفايلة الذي ينسب إليه اربيحات وهو الحي الذي أخذ صفة الحي المتمرد سياسيا منذ بداية الحراك الشعبي عام 2011م ؟
3/3
ختاما . في تعامل الدولة الأردنية مع الحالات الثلاث، كما هو مع غيرها، تؤكد التجارب السابقة يقيناً حالة القوة التي تتمتع بها الدولة الأردنية من الناحية الأمنية. وهذا يعني أنه لا يُسمح بالتجاوز على الخطوط العامة التي تحددها الدولة في المجال السياسي، مع معاقبة من يتجاوز تلك الخطوط مهما كانت خلفيته السياسية أو العشائرية. لقد حدّدت الدولة كيف يتم مناصرة فلسطين من النواحي السياسية والإغاثية والإنسانية، وهي تبذل في ذلك جهوداً عزّ نظيرها على المستويات الوطنية والقومية والإقليمية والعالمية. نتيجة لذلك، فإن الدولة تريد من جميع مواطنيها المشاركة في نصرة فلسطين وفقاً للخطوط التي تسمح بها، كي تتمكن من الحفاظ على أمنها وفي الوقت نفسه تخدم القضية الفلسطينية. في المحصلة فإن الدولة تنجح دوماً في تنفيذ قرارها وتمنع التجاوز عليه. أما الذين طالهم العقاب من مختلف المستويات، وخاصة النواب الثلاثة، فقد خسروا حريتهم الشخصية، سواء بالسجن الطويل استناداً إلى صدور حكم محكمة أمن الدولة بحق اثنين منهم ، أو بالسجن القصير المتمثل في التوقيف إلى حين صدور قرار المحكمة بما يخص ما قام به ثالثهم. لكن، ومن الجانب الآخر، ومن أجل اكتمال الصورة، فإن شعبية هؤلاء النواب الثلاثة قد زادت أو تعززت لدى فئات اجتماعية وسياسية معينة. هذه هي المعادلة، وهذه هي مخرجاتها ونتائجها!