لماذا نشهد الآن اعترافًا بفلسطين؟... بني ارشيد يجيب "اخبار الأردن"
قال الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد إن الاعتراف الأوروبي المتدرّج بدولة فلسطين لم يأتِ بمعزل عن التحولات الجذرية في المواقف الدولية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الاعتراف يعد نتاجًا مباشرًا لتصاعد السلوك العدواني والإرهابي الذي تنتهجه إسرائيل، ليس ضد المقاومة وأهالي قطاع غزة فحسب، وإنما ضد مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وامتداده إلى لبنان وسوريا، وصولًا إلى قطر.
وبيّن بني ارشيد أنّ الإعلان الإسرائيلي الرسمي عن مشروع "إسرائيل الكبرى" ورسم خارطة جديدة للشرق الأوسط، عزّز القناعة الأوروبية بخطورة هذا التوجه على الأمن والسلم الدوليين، وعلى مرتكزات النظام العالمي المقبل، خاصة في ظل استخدام التفوق العسكري المدعوم غربيًا لتقويض أي حل سياسي عادل.
ونوّه إلى أنّ الاتحاد الأوروبي تبنّى منذ تسعينيات القرن الماضي فكرة "حل الدولتين" باعتباره المسار الوحيد لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، غير أنّ رفض دولة الاحتلال القاطع لإقامة دولة فلسطينية، مع استمرار التوسع الاستيطاني وفرض السيادة على الضفة الغربية تمهيدًا لضمّها قبل نهاية العام 2025، دفع العواصم الأوروبية إلى اتخاذ خطوة الاعتراف كإجراء عملي لتعزيز هذا الحل، ورسالة ضغط على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي.
وأشار بني ارشيد إلى أنّ التحولات في الرأي العام الأوروبي، وما رافقها من ضغوط داخلية على الحكومات - كما ظهر في برلمانات بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والسويد - أسهمت في تسريع وتيرة الاعتراف، فالمجتمعات الأوروبية باتت أكثر تعاطفًا مع الشعب الفلسطيني ومعاناته تحت الاحتلال، ما جعل صانع القرار الأوروبي مضطرًا إلى التماهي مع هذه المزاجات الشعبية حفاظًا على شرعيته السياسية.
وأردف أنّ المقاربة الأوروبية تنطلق أيضًا من تقدير مفاده أنّ الفشل في إقامة دولة فلسطينية سيترك الساحة مفتوحة لمزيد من التوتر والعنف، خاصة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي بعد حروب العراق وأفغانستان، ما دفع الاتحاد الأوروبي لمحاولة لعب دور أكبر ومستقل في ملفات الشرق الأوسط، وبذلك، فإن الاعتراف بفلسطين يُستخدم كذلك كورقة دبلوماسية لإبراز أوروبا كفاعل رئيسي، بعيدًا عن المظلة الأمريكية.
واستطرد بني ارشيد حديثه بالإشارة إلى أنّ أوروبا تتحرك وفق منطق مصالحها الاستراتيجية، بعدما أثبتت إسرائيل عجزها عن القيام بدورها الوظيفي كحارسٍ للمصالح الغربية في المنطقة دون دعم غير محدود من الولايات المتحدة، معتبرًا أنّ غياب الشريك الإسرائيلي للسلام جعل الاحتلال عبئًا متزايدًا على الجميع، الأمر الذي يستدعي ممارسة ضغوط متصاعدة عليه لردعه عن طغيانه وتعنتّه.
وحذّر من أنّ استمرار النهج الإسرائيلي قد يقود إلى انفجار إقليمي غير محسوب النتائج، فإسرائيل المتطرفة والمتغطرسة باتت تهديدًا لنفسها قبل غيرها، وأنّ أصواتًا يهودية حول العالم بدأت ترفع شعار: "أنقذوا إسرائيل من نفسها".