عياصرة يكتب: اتفاقية الدفاع السعودية - الباكستانية وأثرها في الشرق الأوسط

 

 رامي عياصرة

وقعت المملكة العربية السعودية قبل أيام اتفاقية دفاع مشترك مع باكستان بما تمثله من دولة اسلامية نووية ، ولها تاريخ طويل في التقارب والتعاون المشترك مع السعودية بالذات.
الزاوية التي ارى منها هذه الاتفاقية المهمة في مضمونها وتوقيتها هو أن الالتزامات متبادلة وفق أي اتفاقية من هذا النوع، و أول ما يتبادر إلى الأذهان عند استحضار خبر الاتفاقية هو دخول باكستان الى جوار السعودية في حال التعرض لهجوم خارجي ، في حين أننا لا نتصور العكس ، بمعنى إلزام دخول السعودية كذاك إلى جوار باكستان في حال تعرضها لهجوم هندي مثلا كما جرى  قبل أشهر قليلة ، علما أن السعودية تعتبر مخزن تتكدس بها أحدث الأسلحة بالعالم كونها تعتبر  ولسنوات من أكبر المستوردين للأسلحة في العالم، بسبب حجم الانفاق على شراء الأسلحة الأمريكية والفرنسية وحتى الروسية منها، حيث بلغ الإنفاق العسكري السعودي 75.8 مليار دولار (284.3 مليار ريال) في 2024م، ما جعلها خامس أكبر دولة في العالم، والأولى في العالم العربي.

وفي نظرة لأكثر الدول شراء للأسلحة في العالم سنجد أن السعودية وقطر تتصدر القائمة في العالم العربي وهي ضمن أول خمس دول في العالم تسبقها، وهي اوكرانيا ( بحكم الحرب الدائرة بها ) تتلوها الهند.

وبحسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد أدرج أكبر 40 دولة مستوردة للأسلحة الرئيسية، بين عامي 2020 و2024، فكان من بينهم 8 دول عربية، وكانت قطر والسعودية ومصر والكويت ضمن أكبر 10 دول استيرادا للأسلحة.

بمعنى أن هذا الاتفاق يعيد رسم خرائط وموازين القوى في منطقة الشرق الأوسط والسبب أن الهند - العدوة التقليدية لباكستان - تربطها علاقات استراتيجية قوية وتقارب كبير مع دولة الكيان الصهيو~ني وفي مختلف المجالات منها وأهمها المتعلقة بتكنولوجيا الاسلحة والتصنيع العكسري،  والتي لم تتأثر خلال حرب الابادة البشعة في غZه كما تأثرت بها دول العالم حتى القريبة من للكيان كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي التي أعلنت قبل أيام بأنها تفكر في فرض عقوبات على دولة الاحتلال الاسرائيلي.
فقد قامت الهند قبل يومين فقط بكسر عزلة دولة الاحتلال و وقعت معها اتفاقية استثمار تسند فيها الاقتصاد الاسرائيلي في معاناته بسبب حرب الابادة في غZه ، ويوفر لها غطاء سياسيا في العالم الى جوار الولايات المتحدة الأمريكية.

المعنى هنا أن خارطة الاستقطاب في المنطقة باتت على الشكل التالي : السعودية - باكستان ، مقابل " اسرائيل " - الهند .

وقد جاءت هذه الاتفاقية بعد أيام فقط من الضربة الاسرائيلية لقطر ، من هنا يأتي السؤال : هل ستلحق دول أخرى بمثل هذه الاتفاقات الاستراتيجية مثل : قطر مع تركيا.
أو ربما تتجاوز الاتفاقات الثنائية الى تولّد كتلة جديدة من الدول باتفاقية دفاع مشترك تضم إلى جانب السعودية وباكستان وتركيا وقطر والاردن و مصر وسوريا، تكون بديلة لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، والتي فشلت قمة الدوحة في تفعيلها بسبب معارضة بعض الدول العربية الأخرى التي ربما أنها لا ترى مثل هذه الرؤية.