الماضي لـ"أخبار الأردن": رسائل مبطنة وجريئة لخطاب الملك أثناء قمة الدوحة
قال أستاذ علم الاجتماع السياسيّ الدكتور بدر الماضي إن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني خلال القمة العربية الإسلامية في الدوحة، شكّل نقطة تحول نوعية في نبرة الخطاب الأردني والإقليمي على حد سواء، إذ جاء مختلفًا هذه المرة من حيث القوة والمباشرة، وبدا الأكثر صراحة وصرامة مقارنة بخطابات اليوم ذاته.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الاردن" الإلكترونية أن تقديم الملك ليتصدر قائمة المتحدثين في القمة، يحمل دلالات سياسية عميقة، سواء لجهة الاحترام الذي يكنه المستضيفون للأردن، أو باعتباره انعكاسًا لمكانة الأردن وثقله الاستراتيجي على المستويين الإقليمي والدولي، حيث يشهد الجميع للدور الأردني الفاعل الذي يتجاوز النطاق التقليدي إلى بناء جسور الثقة والمصداقية.
وأشار إلى أن الملك قد ركّز في خطابه على أربعة محاور رئيسية، هي: إدانة الهجوم "الغادر" على دولة قطر، معتبرًا إيّاه اعتداءً صارخًا على سيادة دولة عضو في الجامعة العربية، وعضو في مجلس التعاون الخليجي، وعضو في الأمم المتحدة، في دلالة واضحة على أن إسرائيل لم تعد تأبه بالقوانين الدولية ولا بالقيم التي يفترض أن تشكّل أساس النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول.
والتحذير الجريء من مخاطر التهجير والتجويع والتشريد الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزة، والتنبيه إلى خطورة ما تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية، الأمر الذي وصفه الملك بأنه يشكّل نقلة نحو "مساحات جديدة من الصراع الدولي"، تتجاوز الإطار الإقليمي لتضع المجتمع الدولي أمام تحدٍ مباشر لشرعيته ولقيمه الإنسانية.
وتوسيع نطاق الحديث ليشمل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية والسورية، باعتبارها جزءًا من مشروع استباحة سيادة الدول العربية مجتمعة، بما يشي بأن الخطر الإسرائيلي لم يعد مقتصرًا على ساحة بعينها، بل بات تهديدًا استراتيجيًا للأمن العربي برمته.
وانتقاد حالة العجز الدولي وصمته المريب أمام الممارسات الإسرائيلية، إذ أكد الملك أن ما يجري يمثل تحديًا سافرًا للمجتمع الدولي والقانون الدولي وحقوق الإنسان، ويشكّل تقويضًا لفكرة السيادة التي طالما تغنّت بها الأمم المتحدة والمواثيق العالمية.
ونوه الماضي إلى أن الخطاب حمل بين سطوره رسالة مبطنة تدعو إلى بلورة "خليّة أزمة عربية" مصغرة، تضم خمس إلى سبع دول محورية، لمناقشة سؤال استراتيجي بالغ الخطورة يتمحور حول ما إذا تحوّلت إسرائيل إلى تهديد وجودي للأمن القومي العربي؟... وإذا كان الجواب بالإيجاب، فما هي الخطوات الجماعية الواجب اتخاذها لمواجهة هذا التهديد؟.
واختتم الملك خطابه بالدعوة إلى بناء مشروع عربي واضح المعالم، يقوم على قرارات جريئة وواقعية، سياسية واقتصادية وتجارية وقانونية، تُتخذ تدريجيًا ولكن بحزم، مع التأكيد على ضرورة توظيف رصيد العلاقات العربية مع العالم لإعادة صياغة الرواية الحقيقية للأحداث وتعريه الخطاب الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي.
وخلص الماضي إلى أن الخطاب جاء بمثابة محاولة لإعادة رسم قواعد الاشتباك العربي مع إسرائيل، على أسس أكثر صلابة وجرأة، في لحظة وصفها المتابعون بأنها "منعطف تاريخي" في مسار الصراع العربي – الإسرائيلي.