التل يكتب: رسالة اسرائيلية من الدوحة!!

محمد حسن التل

حديث القيادة الإسرائيلية عن محاولها اغتيال قيادة حماس في الدوحة بأنها استهدفت حماس ولم تستهدف قطر يشكل قمة الاستهتار والاستغفال في محاولة فاشلة للتغطية على جريمتها بخرق سيادة دولة تمثل بؤرة للسلام ليس في المنطقة فقط بل على مستوى الدولي ، فالدولة القطرية انخرطت في حل نزاعات كثيرة في العالم ونجحت في نزع فتيل أزمات كثيرة على المستوى الدولي .

في فعلتها هذه أرسلت إسرائيل إلى كل من يهمه الأمر أنها ستستبيح كل المحظورات وتتخطى كل الخطوط الحمراء وأن لا أحد في المنطقة بعيد عن استهدافها، وأنها غير معنية إلا بتنفيذ مخططاتها لتحقيق هدفها الذي يجعلها صاحبة القرار في الحرب والسلم .

الضربة الإسرائيلية في الدوحة العاصمة المنخرطة منذ عامين مع القاهرة في مفاوضات إنهاء الحرب في غزة أعلنت إسرائيل من خلالها أنها غير معنية بإنهاء هذه الحرب إلا حسب شروطها وتحقيقا لأهدافها التي أصبحت تشكل خطرا ليس على السلم في المنطقة فقط بل على مستوى العالم.

الآن وبعد الجريمة الإسرائيلية بحق قطر من المؤكد أن مفاوضات إيقاف الحرب دخلت في متاهة معقدة، وقد وصلت إلى طريق مسدود ، وهذا ما يريده نتنياهو ومن معه في الحكومة الأخطر عبر عقود الصراع ، لأنها كما أشرت أسقطت كل الخطوط الحمراء التي كان يظن الكثيرون أنها لن تتخطاها ، وباعتدائها على الدوحة أثبتت أنها غير معنية بهذا وأرسلت رسالة واضحة أنه لا حصانة عندها لأحد وأن نيرانها ستصل حيث تريد وحيث ترى مصلحتها.

أصبح القول بأن ما يفعله نتنياهو هو من أجل مصلحته ليستمر في الحكم قول سطحي وساذج ، فإسرائيل دخلت فعليا في تنفيذ مشروعها بإقامة دولة إسرائيل الكبرى وأنها قررت عدم التوقف حتى تقطع شوطا كبيرا على طريق هذا المشروع.

تل أبيب تشعل النار في محيطها وفي كل الشرق الأوسط في محاولة منها بتحقيق أكبر قدر من المكاسب التي تعمل من أجلها في ضوء موقف عالمي رخو لن يتعدى الكلام في الهواء ، والقيادة الإسرائيلية تفهم ذلك بعمق ، وتعتبر نفسها أنها تعمل في مجال مفتوح يعطيها حرية الحركة كيفما تشاء وبأي اتجاه تقرره ، وهي تدرك بعمق أنها بالقضاء على قيادة حماس لن توقف المقاومة في فلسطين لأن المقاومة فكرة تتولد من جيل الى جيل كما هي كل مقاومة الشعوب المظلومة على مدار التاريخ، ويدرك كثير من المسؤولين في الولايات المتحدة والغرب هذا ومقتنعون بذلك وصرحوا بهذا في مناسبات عديدة مما يؤكد أن دعم إسرائيل القادم من خلف البحار والمحيطات يدرك أصحابه أنهم لن يوقفوا مقاومة الشعب الفلسطيني لإسرائيل وأنهم لن يحموها للأبد وأن مقاومة الفلسطينيين غير مقتصرة على حماس ، فمقاومة هذا الشعب كانت قبل حماس وستستمر بعدها ، وأن كل فلسطيني على أرضه مقاوم ، ولن يرضى أحد منهم وإن طال أمد الصراع على اختلال موازين القوة فيه إلا المواجهة ، لكن الإصرار على دعم إسرائيل نابع من فكرة أن وجودها ضروري لضمان مصالح من يدعمها مع انها باتت هي نفسها تهدد هذه المصالح بأفعالها وجرائمها ، والأحداث والتطورات على مستوى العالم العربي والاتجاه نحو السلام مع إسرائيل وإنهاء الصراع أسقط هذه النظرية لأن العرب قدموا كل شيء وأثبتوا أنهم حريصون على مصالح الولايات المتحدة والدول الغربية في منطقتنا أكثر من إسرائيل ، وأن وجودها لم يعد يشكل أي ضمانة على هذا المستوى ، بل أصبحت عبئا على داعميها.

الاعتداء على الدوحة يفرض على الجميع أن يتوقفوا طويلا ويغيروا قواعد المواجهة من منطلق أن تل أبيب مستعده للقيام بأي فعل في سبيل تحقيق هدفها وأن اسرائيل اصبحت كرة نار متدحرجة لا تأبه بمن تحرق.