العياصرة تكتب: على طاولة "مسارات" التمويل الحزبي… معضلة التحديث السياسي

نيفين العياصرة


بالأمس كنت على طاولة مستديرة نظمتها مسارات الأردنية للتنمية والتطوير جمعتني بعدد من الشخصيات الحزبية والسياسية وزملاء من الصحافة والإعلام في جلسة نقاشية حملت عنوان: "الحياة الحزبية.. إعادة ترتيب الأوراق واستعادة الثقة".


وعلى الرغم من تنوع المداخلات وتعدد الأوراق التي قدمت بقيت المعضلة الجوهرية حاضرة وغائبة في آن واحد، التمويل المالي للأحزاب، فلا حديث عن تحديث سياسي ولا عن تفعيل برامج للشباب والمرأة ولا عن استعادة ثقة الشارع ما لم تتوافر الموارد المالية الكافية التي تمنح الأحزاب القدرة على العمل والاستمرار وتحولها من هياكل ورقية إلى مؤسسات سياسية فاعلة.


الأحزاب اليوم تعاني من مشكلة بنيوية أساسية، برامج تكتب، أوراق تناقش، وشعارات ترفع، لكن بلا أدوات عملية للإنجاز.

بدأنا مشروعا عظيما اسمه التحديث السياسي غير أن موازنته لا تكفي لبناء مدرسة حزبية واحدة، فكيف يمكن لأحزاب أن تنفذ ما هو مكتوب في برامجها إن لم يكن المال حاضرا ومستمرا؟ لا مشروع حزبي ينجح بلا دعم مالي تشاركي ولا يمكن للأحزاب أن تتحول إلى بيئة حقيقية للإنتاج السياسي والاجتماعي ما لم تربط السياسة بالاقتصاد.

التمويل الحزبي ليس رفاهية، إنما  ضرورة استراتيجية  فمن دون تمويل منظم وشفاف ستبقى الأحزاب مجرد منصات للخطابة وستبقى المشاركة الحزبية محصورة في أسماء تبحث عن مواقع ومكاسب شخصية،أما وجود دعم مالي كافٍ، فإنه يفتح الطريق أمام برامج واقعية تسهم في تخفيف البطالةوتأهيل الشباب وإعداد قيادات جديدة تملك أدوات العمل وليس فقط لغة الشعارات.

الحكومة تحدثت، وصرحت، وخاطبت، لكنها لم تضع التمويل الكافي الذي يعكس جدية التوجه نحو التحديث السياسي  المطلوب ليس مجرد وعود إنما  بناء معادلة جديدة تربط الاقتصاد بالسياسة وتحوّل الأحزاب إلى رافعة للتنمية الوطنية.


السؤال الجوهري بلا جواب.. من سيمول الاحزاب إذا أردنا لها أن تكون مشروعا حقيقيا لا مجرد كلمات تقال في قاعات مغلقة؟