النمري يكتب: حان وقت العقوبات والمقاطعة الشاملة

 

 

جميل النمري 

اصبح واضحا ان نتنياهو لا يريد اي اتفاق لا كاملا ولا جزئيا. وثبت خطأ التحليلات التي رجحت ان خطة احتلال مدينة غزة وتهجير اهلها هي جزء من تكتيك تصعيد الضغط على المفاوضات لإنتزاع مزيد من التنازلات في الاتفاق الوشيك وبقيت هذه التقديرات حتى بعد اعطاء الأوامر للجيش وبالضد من رغبته للبدء تنفيذ خطة الاحتلال.

لقد قدمت حماس من جانبها اقصى قدر ممكن من التجاوب لسحب الذرائع والغت تحفظات سابقة على مقترح ويتكوف وقبلت ان تكون خارج المشهد في اليوم التالي لوقف الحرب ووافقت على المقترح الذي قدمته مصر و قطر بصيغة أخيرة تجاهلتها اسرائيل في اهانة صريحة للوسيطين . وآخر تصريحات ترامب تشير الى انه استسلم ولم يعد يضغط من اجل اي اتفاق وترك لنتنياهو تنفيذ عمليته ( جدعون 2) على وعد ان يتحقق بعدها وقف الحرب وليس خلال ثلاثة اسابيع كما كان يقال بل خلال ثلاثة اشهر!!

يبدو ان المقاومة تبلي اعظم بلاء في بلاء في الميدان بعمليات تصد نوعية جديدة كما حصل في حي الزيتون وقد تنجح في اصطياد مزيد من الأسرى بما يؤلب المزيد من الاسرائيليين ضد نتنياهو لكن اين لموازين القوى ان تسعف المقاومة في هذه المواجهة غير المتكافأة، اذا لم يسعف العالم غزة بكل عزم وحزم واليوم قبل الغد.

حرب الابادة والتجويع بوقائعها اليومية المروعة تهز الرأي العام في كل مكان وتتحرك احتجاجات كبرى في الشوارع وعلى لسان شخصيات ومسؤولين حكوميين ومثقفين واعلامين وحتى فنانين من هوليوود الى جانب نشطاء على وسائل التواصل الذين يبدعون في تسليط الضوء على الجريمة الجارية بخطاب مباشر او بمحتوى فني غير مسبوق. والكرة الآن في ملعب القيادات السياسية لتحمل المسؤولية.

غزة ليست نهاية المطاف مع ان مخطط الابادة والتهجير في غزة وحدها يعني تدمير اي فرصة للسلام والاستقرار ووضع دول الجوار وكل المنطقة في فالق زلزالي. واليمين الاسرائيلي لا يبالي بأي شيء غير تنفيذ اجندته الفاشية ليس في غزة فحسب بل ايضا في الضفة الغربية. ويغازل نتنياهو حلفاؤه بلا حرج بالحديث عن حلم اسرائيل الكبرى. ولعل التعامل مع سوريا اليوم يعطي نموذجا على نهج التعامل القادم مع كل المحيط العربي. التنمر على الدولة السورية ما دام ممكنا وصل حد اشتراط الجنوب السوري كله منزوع السلاح ضعيفة منزوعة السلاح كمقدمة لفرض الوصاية وتقاسم النفوذ مع تركيا على كل الجغرافيا السورية. ولعل تركيا الغاضبة من جرائم الاحتلال في فلسطين تستشعر خطرا استراتيجيا ابعد بتحول اسرائيل الى جار مباشر بدأ الشرر يتطاير فورا على خطوط الاحتكاك معها في سوريا.

هناك ظروف اقليمية ودولية مهيأة تماما لتحرك حازم لردع الكيان المتهم بمزاولة جرائم ابادة وتطهير عرقي. الرأي العام العالمي يضجّ بالغضب والعديد من الدول نفذت عقوبات سياسية منها اغلاق السفارة الاسرائئيلية والدول الاوروبية تبحث موضوع العقوبات على الاحتلال وتركيا اعلنت قطع كامل علاقاتها التجارية واغلاق الموانىء والمطارات امام اسرائيل. هناك توافق عالمي أن اسرائيل تجاوزت كل الحدود وانه من المستحيل السكوت على ما تفعله من جرائم حرب ومجازر يومية ومجاعة مفتعلة تفتك بالناس وخصوصا الأطفال وأكثر من ذلك توسيع هذه الجريمة بتهجير جماعي لا سابق له في التاريخ!

ماذا بقي لتقتنع القيادات العربية بوجوب بدء عقوبات شاملة على الكيان المجرم ؟! كيف يمكن مطالبة العالم بردع اسرائيل عن المضي قدما في جريمتها المروعة ونحن لا نقدم على اي خطوة؟! يجب ان يبادر العرب لإعلان المقاطعة الشاملة برا وبحرا وجوا واذا حدث ذلك فالدول الاسلامية سوف تقتدي حكما بالدول العربية وستكون الرسالة قوية لبقية دول العالم لتنفيذ عقوبات على اسرائيل أو تكون شريكا في الجريمة.