الروسان يتحدث لـ"أخبار الأردن" عمّا يرهق الاحتلال في غزة

 

قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إنّ عملية "عربات جدعون" التي راهنت عليها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لم تكن سوى حلقة إضافية في مسلسل طويل من الإخفاقات العملياتية والتكتيكية التي يتكبدها الاحتلال منذ هزيمته الصادمة في السابع من أكتوبر.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ فشل هذه العملية لم يكن معزولًا عن سياق أوسع من العجز الاستراتيجي، إذ إنّ الجيش الإسرائيلي، وبعد الانهيار الاستخباري الذي كُشف عواره في ذلك اليوم المفصلي، انخرط في سلسلة من المناورات المرتبكة التي عكست هشاشة الرؤية وغياب القدرة على تحقيق الحسم.

وبيّن الروسان أن إقامة الميناء الاصطناعي، ومحاولات إغراق الأنفاق بالمياه، وتجريب ما سُمّي بخطة "الجنرالات"، وصولًا إلى عربات جدعون بنسختيها الأولى والثانية، كلها لم تكن إلا إجراءات متلاحقة تفصح عن تخبط ميداني أكثر مما تعكس إستراتيجية متماسكة.

وأشار إلى أنّ فشل العملية لا يُختزل في عجزها عن إحداث اختراق عسكري مباشر، فهو يتجلى في انكشاف محدودية أدوات القوة الإسرائيلية نفسها، إذ إنّ اللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة والتجويع الممنهج، واستعمال أسلحة وأساليب غير تقليدية كالروبوتات المتفجرة والبراميل الانفجارية، لم يسفر سوى عن المزيد من الدمار الإنساني والعمراني من دون أن يغيّر من المعادلة الميدانية أو يُعيد القدرة على الردع التي فقدها الاحتلال.
وذكر الروسان أنّ اعتماد إسرائيل المفرط على القصف الجوي الكثيف، الذي شمل معظم جغرافيا القطاع، قد جسّد ذروة القوة التدميرية ولكنه في الوقت ذاته كشف مأزقًا استراتيجيًا عميقًا، فالتدمير الشامل لم يتحول إلى إنجاز عسكري، ولم يفضِ إلى استعادة المحتجزين أو فرض إرادة سياسية جديدة، الأمر الذي يُظهر بوضوح أنّ الاحتلال بلغ سقف قدراته من دون أن يُحقق أهدافه.

واستطرد قائلًا إنّ ما يترتب على هذا الإخفاق يتجاوز حدود الميدان إلى فضاءات السياسة الداخلية والخارجية، حيث تتصاعد الضغوط على حكومة نتنياهو إلى مستويات قد تفتح الباب أمام تسوية سياسية قسرية لا تتوافق مع التوجهات الإسرائيلية المعلنة، فيما الخسائر البشرية الفادحة، والاستنزاف المتواصل في المعدات والذخائر، في موازاة ذلك، يعمّقان أزمة الاحتلال ويضعانه أمام استحقاقات عسكرية وسياسية لم يعد قادرًا على إدارتها بذات الذهنية القديمة.

واختتم الروسان حديثه بالإشارة إلى أنّ عملية "عربات جدعون" لم تكن إلا صورة مكثفة عن مأزق وجودي تعيشه إسرائيل، وهو مأزق يشي بانكسار أدوات الردع التقليدية، ويؤكد أنّ ما بعد السابع من أكتوبر ليس كما قبله، وأنّ الاحتلال، مهما تنوعت وسائله وتعددت محاولاته، بات يواجه حدود قوته ومحدودية خياراته في ساحة غزة.