التل يكتب: هل تندلع الحرب الكبرى؟!

 محمد حسن التل

طبول الحرب تكاد تُقرع في منطقتنا فكل الجبهات مشتعلة، في الجنوب السوري حالة استباحة إسرائيلية على الأرض، والدبابات على بُعد بضع كيلومترات من دمشق، وتل أبيب تعبث بورقة الأقليات هناك سواء من ناحية الأكراد في الشمال الشرقي أو الدروز في الجنوب، على طريق سعيها أولًا لإثارة القلقلة في وجه الحكم السوري الجديد ومنعه من إعادة بناء الدولة السورية، ثم إنشاء ممر داوود الذي يربط جنوب سوريا بشمالها الشرقي وهذ يمثل خطر كبير في موضوع الجيوسياسي في المنطقة، وهو مشروع إسرائيلي قديم ولكن كيف سيكون شكل رد الفعل التركي الذي يعتبر نفسه الداعم الأول للدولة السورية الجديدة؟ وهل سيصل إلى حالة صدام مع تل أبيب خصوصا أن الأخيرة لا تريد للملف الكردي الذي تعتبره أنقرة يههد أمنها القومي أن ينتهي من أجل مصالحها وتحالفاتها..

في لبنان، أزمة سلاح حزب الله تتعقد وسط الصدام في الأجندات بين أطراف المعادلة اللبنانية، على المستويين السياسي والطائفي، والتحشيد من قبل قوى لبنانية مستعدة لكل شيء في سبيل إنهاء حزب الله أو إضعافه ودفعه لتسليم سلاحه، مع إصرار الحزب على العناد بعدم موافقته حتى مناقشة الموضوع من ناحية المبدأ وكل هذا يجري تحت الضغط الأمريكي والأوروبي الذي جعل من الأزمة معقدة ومرشحة للانفجار، خصوصًا أن هؤلاء يربطون ذلك بمساعدة لبنان اقتصاديًا لإنقاذه من أوضاع اقتصادية متأزمة ومعقدة.

هذا الحراك المأزوم يجري في ضوء موقف متقلب يمارسه نبيه بري، الذي ربما أصبح سياسيًا ممثلًا لحزب الله الذي يصر ليس بعيدا عن تحالفه مع إيران، أن سلاحه يمثل الشرعية في حماية لبنان ما دامت إسرائيل تحتل أراضي لبنانية وتهدد أمن البلاد ، هذا الوضع المأزوم ينذر بحرب أهلية جديدة هناك، خصوصًا أن الحزب أرسل عدة رسائل متشنجة في الفترة الماضية عندما أنزل كوادره إلى الشوارع في رسالة بأنه مستعد للمواجهة..

في الملف الإيراني، الذي يعتبر الأعقد في المنطقة، الأمور تسير بعكس طريق التفاهم مع الجانب الأمريكي والأوروبي، اللذين يصعدان بتهديداتهما وربما بالتجهيز لشن حرب على إيران وإنهاء ملفها بالقوة، وليس فقط على مستوى النووي، بل تذهب توقعات الخبراء إلى أبعد من ذلك وتشير إلى النية في تغيير النظام في طهران حاضرة.

ويضيف هؤلاء أن القرار قد اتخذ، ولكن رسم الخريطة الإيرانية التي يريدونها بعد سقوط النظام ما زالت قيد الدراسة لأن الغرب لا يريد فوضى في إيران تهدد مصالحه في المنطقة، ويذهب بعض المتابعين لهذا الملف إلى أن الولايات المتحدة ربما فتحت خطوطًا مع جهات إيرانية نافذة في الداخل تميل إلى ضرورة تغيير الأوضاع هناك، فالبلاد تغرق في فوضى سياسية وأزمة اقتصادية وبعيدًا عن الإعلام، كما يقول هؤلاء، الحراك على المستوى الشعبي عند الإيرانيين مستمر بالتصاعد، و القبضة الأمنية تشتد على الناس.

أما على مقطع غزة، بؤرة تأجيج الأوضاع في المنطقة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، فيبدو أن إسرائيل وبضوء أخضر من أمريكا وغيرها من الغرب ماضية في خططها بإنفاذ مشروعها باحتلال القطاع وتهجير الفلسطينيين منه، ثم الاستدارة إلى الضفة الغربية بعد أن جهزت الأرضية لذلك، وقامت بشبه إنهاء للمخيمات وإطلاق الاستيطان بشكل متسارع ومتوحش، في ضوء تأييد كامل من الكنيست للحكومة في هذا المجال، وسكوت العالم عن هذا الوضع باستثناء تصريحات هنا وهناك ذرًّا للرماد في العيون.

المهم في كل ما يحدث أن الحرب تقترب من الاشتعال، وبظني أنها ستكون هذه المرة ليست على مستوى النار فقط، بل تهدف إلى قطع شوطا كبير في معادلة تغيير خارطة الشرق الأوسط كما وعد نتنياهو، وجعل إسرائيل صاحبة الكلمة النافذة فيه على المستويين الاقتصادي والسياسي ، والسؤال الذي يردده في الجميع ماذا أعدّت الدول العربية لهذه المواجهة؟ وماذا سيكون موقعها وسط هذه الفوضى المؤطرة بالنار التي تهدد أمنها وربما جغرافيتها!!