زيد الفضيل يكتب: سقوط الاتفاقيات الإبراهيمية
زيد الفضيل
أؤمن بأن رئيس الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل نتنياهو قد أطلق الرصاصة القاتلة على مشروع الاتفاقيات الإبراهيمية التي تبناها الرئيس ترامب ودعا العرب للانضمام إليها، وذلك حين أفصح في المقابلة التي أجراها مع قناة «i24» الإسرائيلية عن إيمانه بتحقيق الحلم اليهودي القاضي بتأسيس دولة إسرائيل الكبرى، واصفا مهمته بأنها «تاريخية وروحية»، ومؤكدا إيمانه برؤية مذيع البرنامج شارون جال، الذي عرض عليه خريطة أرض الميعاد كما وصفها.
يأتي ذلك متمما لما أعلنه مرارا وزير ماليته سموتريتش، والذي قال خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، إنه يعتقد بوجوب أن تتوسع إسرائيل لتشمل عديدا من الدول العربية وفق الخريطة التي عرضها، مؤمنا وتياره المتطرف بأهمية أن تقوم إسرائيل بهزيمة الوعي والحلم وأمل التحرر عند الفلسطينيين؛ وبحسب ما ورد في تقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط، فيقف وراء هذا التيار المتطرف رئيس الهيئة الدينية للمستوطنات في الضفة الغربية ومدير مدارسها الدينية، اليكيم لبنون، والذي يبدي فرحه الشديد بتدمير غزة، ويعلن وجوب أن تحقق إسرائيل سيطرتها التامة على أرض إسرائيل التاريخية، بما في ذلك دول بلاد الشام والعراق وغيرها من الأراضي العربية.
أمام كل ذلك، هل بقي لاتفاقيات السلام الإبراهيمية أي جدوى أو قيمة سياسية؟ وهل لا يزال مقبولا أن نسمع من الإدارة الأمريكية المتحيزة أساسا لحكومة إسرائيل دعوتها للدول العربية الانضمام إلى تلك الاتفاقيات الوهمية؟ مع الإشارة إلى أن المنطق يقول بأن يكون انطلاق مبادئ تلك الاتفاقيات من مدينة القدس وليس غيرها، لكونها المحضن الرئيسي الجامع لأتباع الديانات الثلاث، التي لكل منها مشروعيتها الشرعية في مدن أرض فلسطين المحتلة. وبالتالي، لو كان هناك إرادة حقيقية لصناعة سلام في المنطقة من قبل الولايات المتحدة والغرب إجمالا، لفرضوا على إسرائيل أن تحترم مقدسات المسلمين والمسيحيين في موطنها الرئيسي فلسطين المحتلة، لا أن تتبجح إسرائيل بإظهار اعتدال زائف خارج النطاق الجغرافي لتلك الديانات.
في هذا السياق فقد نص إعلان «الاتفاقيات الإبراهيمية» على التزام الأطراف الموقعة عليه بعديد من البنود ومنها:
- الحفاظ على السلام وتعزيزه في منطقة الشرق الأوسط وسائر أنحاء العالم، استنادا إلى الفهم المتبادل، والتعايش السلمي، والاحترام لكرامة الإنسان وحريته، بما يشمل حرية الدين والمعتقد.
- الدعوة إلى تعزيز الجهود الرامية إلى ترسيخ الحوار بين الأديان والثقافات، من أجل ترسيخ ثقافة السلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاث، ولدى الإنسانية جمعاء.
- السعي إلى ترسيخ قيم التسامح والاحترام لكل فرد، لبناء عالم يتمتع فيه الجميع بالحياة الكريمة والأمل، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الأصل القومي.
- السعي إلى القضاء على التطرف والنزاعات، من أجل توفير مستقبل أكثر إشراقا لأطفال العالم.
والسؤال: هل تؤمن إسرائيل التي لا تخفي تطرفها الديني، بمضمون ودلالات هذه البنود المعلنة؟ وهل تقر في قانونها الديني التوراتي بأي حقوق دينية وقانونية وإنسانية للمسلمين والمسيحيين في أرض فلسطين التاريخية المحتلة؟
في جانب آخر، كيف يتسنى للمسلمين بشكل عام، ومسيحي المشرق العربي بوجه خاص، الإيمان بالدعوة الأمريكية للانضمام للاتفاقيات الإبراهيمية وسفيرهم في إسرائيل مايك هاكابي يعلن في أحد اللقاءات أمام أحد الحاخامات قائلا «أنتم شعب الله المختار، وقد أعطيتم مكانا مختارا لغاية مختارة، وإذا غضب أحد من الرب فسوف يغضب من الأشخاص الذين يمثلونه»، مؤكدا أن معاداة السامية (والإشارة هنا لليهود) ليست متعلقة بالصراع بين اليمين واليسار وإنما هو بين الخير والشر، وهي معركة بين الخالق ومن يتمردون عليه.