عبيدات لـ"أخبار الأردن": أزمة تعليمية تُهدّد ثقة المجتمع بالمدرسة
قال الخبير التربوي والاجتماعي الدكتور ذوقان عبيدات إنّ حادثة رسوب طالب في الصف الرابع الابتدائي، رغم حصوله على معدل 97%، تمثل مفصلًا خطيرًا في مسار العملية التعليمية، يكشف بوضوح عن انفصام جوهري بين غاية التعليم وممارساته الإجرائية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ التعليمات التي تم تبرير الرسوب بها، والمتعلقة بزيادة عدد أيام الغياب، قد تحوّلت من وسيلة لحماية الطالب وتنظيم العملية التعليمية إلى أداة عقابية، غابت عنها روح القانون، وأهملت مقاصد العدالة التربوية.
وبيّن عبيدات أن انعكاس هذه القرارات تمتد لتضرب ثقة المجتمع بأكمله في النظام التعليمي، وتضع القيادات التربوية أمام مساءلة أخلاقية ومهنية، مستطردًا أنّ التعليمات المدرسية ليست نصوصًا دستورية مغلقة أو تشريعات صارمة لا تحتمل التأويل، فهي إجراءات تنظيمية مرنة، صُممت أصلًا لخدمة المصلحة الفضلى للطالب، وعليه، فإنّ إصرار بعض الإدارات التربوية على تطبيقها بحرفية عمياء يفرغها من مضمونها، ويجعلها عبئًا على العملية التعليمية بدلًا من أن تكون ضمانة لنجاحها.
وأشار إلى أنّ غياب المرونة، سواء من مدير المدرسة أو وزارة التربية، في معالجة هذه الحالة، يعكس عطبًا في آلية اتخاذ القرار التربوي، ويدل على غياب ثقافة التدخل الاستباقي التي كان من شأنها تفادي مثل هذه الكارثة التربوية.
وأردف عبيدات أنّ مبدأ إعادة الصف الدراسي لتلميذ في المرحلة الابتدائية هو في الأصل إجراء غير تربوي، لأنه يحمّل الطفل مسؤولية إخفاقات لا يتحملها، مشيرًا إلى أن العقوبات التربوية، إن كان لا بد منها، يجب أن تكون "من جنس المخالفة"، بمعنى أنّ معالجة مشكلة الغياب ينبغي أن تتم من خلال إلزام الطالب بتعويض ساعات دراسية أو برامج متابعة، لا أن يُعاقب بالرسوب.
وشدد على أنّ حصول الطالب على معدل 97% رغم غيابه، دليل قاطع على أنّ الغياب لم يؤثر في كفاءته الأكاديمية، وبالتالي فإنّ رسوبه لا يُعد إلا عقوبة تعسفية تفتقر إلى أي منطق تربوي أو إنساني.
واختتم عبيدات حديثه بالتأكيد على أنّ هذه الحادثة يجب أن تشكّل جرس إنذار حقيقيًا، يستدعي تحركًا عاجلًا من القيادات التربوية لمراجعة التعليمات وإعادة صياغتها على نحو يوازن بين الانضباط والعدالة، ويضمن أن تبقى المدرسة فضاءً للتفوق والتحفيز، لا ساحة للإحباط وكسر النفوس الصغيرة.