قانون الكهرباء الجديد يثير جدلا واسعا.. إليك أبرز التعديلات

 

أثار إدراج شرط "براءة الذمة" في قانون الكهرباء الجديد جدلاً واسعًا في الأردن، بعد أن نصت المادة (21/د) على عدم إمكانية بيع أي عقار — بما في ذلك الأراضي الخالية — إلا بعد الحصول على وثيقة تثبت خلو ذمة المالك من أي مستحقات مالية لشركة الكهرباء.

ويسري هذا الشرط حتى على العقارات التي لا يوجد عليها أي استهلاك للكهرباء، ما اعتبره البعض قيدًا جديدًا على السوق العقاري وأثار تساؤلات قانونية حول مدى توافقه مع أحكام قانون الملكية العقارية.

وأوضح الدكتور أحمد حياصات، المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية، أن قطاع الكهرباء في الأردن يتألف من ثلاث مراحل رئيسية: توليد الكهرباء، نقلها إلى المستهلكين الكبار، ثم توزيعها عبر شركات التوزيع الثلاثة المنتشرة في الشمال والوسط والجنوب، والتي تخضع جميعها لإشراف هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن لمراقبة عملها وتلقي شكاوى المواطنين.

وأضاف حياصات لإذاعة "عين"، أن شركات التوزيع لديها اتفاقيات مع الحكومة تضمن لها حدًا أدنى من الأرباح لا يقل عن 10% من رأس المال، بينما تتحمل الشركة الوطنية خسائر كبيرة تصل إلى أكثر من 6 مليارات دينار نتيجة أزمات سابقة مثل انقطاع الغاز المصري.

وعلق حياصات على شرط "براءة الذمة" قائلًا إنه "غير مبرر"، خاصة أنه يطبق حتى على الأراضي الواقعة في مناطق نائية، مشيرًا إلى أن الشركة تملك أصلًا الحق في فصل التيار عن الممتنعين عن السداد، متسائلًا عن سبب قصر هذا الإجراء على الكهرباء دون المياه أو البلديات.

من جهته، اعتبر المحامي والمستشار القانوني بشار زهير أبو شامة أن النص جاء لحماية المواطن، إذ يضمن المالك الجديد عدم تحمل أي التزامات مالية سابقة، داعيًا لتطبيق نفس الإجراء على قطاعات أخرى مثل المياه.

وأوضح أن قانون الكهرباء يلزم المزود بتزويد المستهلك بالطاقة وفق الرخص الممنوحة، مؤكّدًا أن المشكلة تكمن في بنود تلك الرخص التي تحدد حالات فصل التيار.

رفع الفواتير وضمان أرباح لشركات التوزيع

أثار قانون الكهرباء الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرًا، موجة من الانتقادات من خبراء الطاقة والاقتصاد في الأردن، وسط تحذيرات من أن تطبيقه سيؤدي إلى ارتفاع كلفة الفواتير على المستهلك الأردني، مقابل امتيازات مالية تحصل عليها شركات التوزيع.

وينص القانون في مادته (25/5) على "التخفيض التدريجي للدعم البيني بين الفئات المختلفة للمستهلكين إلى حين التخلص منه"، فيما تمنح المادة (25/1) شركات التوزيع الحق بتغطية التكاليف وضمان عائد مناسب على استثماراتها، ما يجعل المواطن الممول الإلزامي لهذه الأرباح، بحسب خبراء.

إعلان مباشر لرفع الأسعار

وحذر المختص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي من أن قانون الكهرباء الجديد لعام 2025، الذي دخل حيز التنفيذ مؤخراً، يمثل إعلانًا مباشرًا لزيادة الأعباء على المستهلك الأردني.

وأوضح الشوبكي أن القانون يمنح شركات التوزيع حق ضمان أرباحها وامتيازات احتكارية، بينما يظل المواطن الممول الإجباري لهذه الأرباح.

وأشار إلى أن المادة (25/5) من القانون تنص على "التخفيض التدريجي للدعم البيني بين الفئات المختلفة للمستهلكين إلى حين التخلص منه"، ما يمهّد لرفع الفواتير مستقبلًا، حتى وإن لم يظهر ذلك اليوم، فيما تضمن المادة (25/1) لشركات التوزيع تغطية الكلفة وعائدًا مناسبًا على استثماراتها.

وشدد الشوبكي على أن القانون لا يعكس العدالة الاجتماعية، ولا ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي، بل يكرّس تغوّل الشركات الخاصة على حساب المواطنين وسط ضغوط معيشية متزايدة.

وأكد أن الادعاء بعدم رفع الأسعار يعد تضليلاً، لأن النصوص تنص على إزالة الدعم تدريجياً وتثبيت عائد مضمون لشركات التوزيع، وهو ما يمهّد لرفع الأسعار بشكل دائم مستقبلًا.

وأضاف الشوبكي أن فكرة الاعتماد على التخزين لتخفيض الفاتورة غير قابلة للتطبيق العملي، بسبب القيود المعقدة، وإجراءات الترخيص المرهقة، والسعات المحدودة، إضافة إلى العقوبات والغرامات، مما يحول التخزين من حل عملي إلى عبء إضافي على الأسر والمنشآت.

براءة ذمة من شركة الكهرباء

كما نبه إلى أن القانون يلزم المواطن بالحصول على براءة ذمة من شركة الكهرباء عند أي تنازل أو نقل ملكية عقار، وهو ما اعتبره سابقة خطيرة تسمح بتدخل شركات خاصة في شؤون حصرية للدولة، وقد يؤدي إلى رهن العقارات لصالح هذه الشركات، مما يجعل المواطن رهينة لقراراتها.

وشدد الشوبكي على ضرورة وقف تطبيق القانون وإعادة دراسته جذرياً، مع وضع آليات عادلة تربط التعرفة بالأداء لا بالامتياز، وتمكين المواطنين من توليد وتخزين الطاقة بحرية، وفتح باب المنافسة للحد من الاحتكار وحماية الاقتصاد الوطني.

وفي ختام تصريحه، لفت إلى أن المادة (29) من القانون تنص على عقوبات بالحبس والغرامة لأي توليد أو تخزين خارج نطاق التراخيص أو السعات المحددة، فيما تشترط المادة (21) حصول المواطن على براءة ذمة قبل أي تنازل أو بيع عقار، وهو ما يُفترض أن يظل اختصاصًا حصريًا لمؤسسات الدولة.

التعرفة لم تتغير

من جهتها، أكدت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن القانون يهدف إلى استدامة النظام الكهربائي وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الكهرباء وضمان عدالة توزيعها، مشيرة إلى أن التعرفة لم تتغير وأن المستثمرين سيحصلون على عائد مناسب شرط الالتزام بمعايير الأداء والكفاءة.

وأوضحت الوزارة أن أنظمة التخزين والطاقة المستقلة ستتيح للمستهلكين الاستفادة من فائض الإنتاج وخفض كلفة الفواتير، إضافة إلى دعم مشاريع الهيدروجين الأخضر وتحسين منظومة النقل الكهربائي.

وأشارت الناطق الإعلامي باسم الهيئة، د. تحرير القاق، إلى أن ربط نقل الملكية ببراءة الذمة هدفه حماية حقوق المواطنين وضمان الشفافية، بينما أكد الخبير والمستثمر في القطاع د.فراس بلاسمة أن القانون رغم شعاراته الاستثمارية يحمل عناصر ترفع الكلفة على المستهلك وتضعف جاذبية السوق، ما يجعل الشريحة الأكبر من الأردنيين الخاسر الأكبر.

وأبدى عدد من الخبراء وجهات نظر متباينة حول القانون، مؤكدين أن هناك إيجابيات في فتح المجال أمام الاستثمار والطاقة المتجددة، لكن المخاطر على المستهلك والفجوة بين شعارات تشجيع الاستثمار وواقع ارتفاع الكلفة تبقى كبيرة، وهو ما يستدعي مراقبة دقيقة وتطبيق القانون بحذر مع وضع آليات تحمي حقوق المستهلكين وتحد من الاحتكار.

في المقابل، اعتبر عضو هيئة التدريس في الجامعة الأردنية د. أحمد السلايمة أن القانون يحتوي على إيجابيات تتمثل في تحسين كفاءة منظومة الكهرباء وتنويع مصادر الطاقة، لكنه يحمل مخاطر محتملة على المستهلكين إذا لم تُراعَ آليات التخفيف من الأعباء، مشددًا على ضرورة زيادة وعي المواطنين بحقوقهم والتزاماتهم لضمان تطبيق القانون بشكل فعّال.