الشوبكي: الدين العام في أخطر مراحله... والحكومات المتعاقبة مجرد أعباء
قال خبير الطاقة عامر الشوبكي إن الحكومات الأردنية المتعاقبة لم تنجح في معالجة أصل المعضلة الاقتصادية، فقد ظلت تضيف أعباءً جديدة على الدائن الأردني، من خلال سياسات توسعية في النفقات العامة وتجاهل لضبط الإنفاق، سواء عبر ترشيد الهيئات المستقلة أو الحد من أعداد المستشارين أو تقليص المصروفات الجانبية التي أنهكت الموازنة وأثقلت كاهل الدولة.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن حكومة بشر الخصاونة ـــ التي كانت الأطول عمرًا بواقع 1434 يومًا ـــ أضافت ما يزيد على 15.2 مليار دولار إلى الدين العام، في حين أن حكومة عبدالله النسور التي استمرت 1330 يومًا أضافت نحو 9.1 مليار دولار، مضيفًا أن هذه الأرقام تعكس خللًا عميقًا في إدارة المالية العامة، ذلك أن العجز لم يكن حصيلة ظرفية آنية، وإنما نتاج سياسات متراكمة عجزت عن ضبط المديونية أو وضع خطط جدية للسداد.
وبيّن الشوبكي أن حكومات سابقة كحكومة فايز الطراونة، التي وقّعت أول اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحكومة هاني الملقي التي جددت البرنامج، دخلت بدورها في دوامة "برامج إنقاذية" مرتبطة بالصندوق، من دون أن ينعكس ذلك على إصلاح هيكلي حقيقي أو تعزيز الإنتاجية، أما حكومة عبدالله النسور، ورغم عدم توقيعها اتفاقًا جديدًا مع الصندوق، فقد واجهت أعباءً مالية جسيمة بفعل ارتدادات الربيع العربي، وأنفقت المنح الخليجية التي استنزفت خلال ولايتها.
ونوّه إلى أن حكومة بشر الخصاونة كانت الأكثر توسعًا في الاقتراض الداخلي على نحو غير مسبوق، ولجأت للمرة الأولى إلى التوسع الكبير في استخدام أموال الضمان الاجتماعي عبر شراء السندات الحكومية، وهو ما أدى إلى تعزيز المديونية الداخلية بصورة تفوق الخارجية، مما ضاعف المخاطر على المالية العامة والاقتصاد الوطني في المدى المتوسط والبعيد.
ولفت الشوبكي الانتباه إلى أن تفاقم الدين العام، الذي تجاوز اليوم 115% من الناتج المحلي الإجمالي، لم يكن نتيجة قرارات فردية أو مؤقتة، وإنما حصيلة تراكم سياسات حكومية ممتدة، في ظل ضعف في الأدوار الرقابية، سواء من المؤسسات الرقابية أو من مجلس النواب الذي لم يواكب خطورة هذا المسار.
وأردف قائلًا إن ما تكشفه هذه الأرقام يستدعي وضع منهجية صارمة لمحاسبة الحكومات على سياساتها الاقتصادية والمالية، مع ضرورة بلورة خطة واقعية وشفافة لإدارة الدين العام وضمان سبل سداده، بما يحفظ الاستقرار الاقتصادي ويحول دون توريث هذه الأعباء للأجيال المقبلة.