الرداد لـ"أخبار الأردن": تقارير الأمم المتحدة تُشرعن التهجير وتُجرِّم المقاومة

 

قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور عمر الرداد إن التقارير الصادرة مؤخرًا عن الأمم المتحدة، والتي بدت في ظاهرها إنسانية بحتة، تحمل في جوهرها أبعادًا سياسية وأمنية غاية في التعقيد، إذ تضع الصراع الدائر في غزة ضمن سياقات تتجاوز الميدان العسكري المباشر إلى ميدان "الحرب الرمزية" التي تُستثمر فيها أدوات القانون الدولي والبعد الإنساني كسلاح موازٍ للسلاح التقليدي.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ التقرير الأول المتعلق بتفشي المجاعة، والذي أظهر رزوح أكثر من نصف مليون إنسان تحت ظروف كارثية ناجمة عن "العرقلة الممنهجة" لإدخال المساعدات، يُثبّت بما لا يدع مجالًا للشك أنّ التجويع يجري توظيفه "كسلاح حرب" معلن، غير أنّ ما يستوقف النظر – على حد وصفه – هو أنّ التقرير قام بعملية "ترسيم جغرافي" لمناطق الجوع، فحصرها في شمال القطاع دون جنوبه، وهو ما يمنح إسرائيل فرصة لاستثمار هذا التفصيل بطريقة مريبة، إذ يمكنها أن تقول للعالم فليتجه السكان جنوبًا حيث لا مجاعة، تمهيدًا لفتح الباب أمام مخطط تهجيري منظم، يُراد له أن يتخفى خلف غطاء إنساني زائف.

ونوّه الرداد إلى أنّ الخطورة الحقيقية تكمن في ازدواجية الموقف من هذه التقارير، فالتعاطي معها بمنطق الانتقائية، حيث نصفق للأمم المتحدة حين تُدين الاحتلال ونلعنها حين تُدين المقاومة، هو مقاربة سطحية لا تُدرك حقيقة ما يجري، فالأمم المتحدة هي ساحة صراع تتجاذبها القوى الكبرى، وتُسقط من خلالها مصالح متضاربة على مشهد معقد يتداخل فيه السياسي مع العسكري، والإنساني مع الإستراتيجي.

واختتم حديثه بالإشارة إلى أن هذه التقارير، على اختلاف محاورها، تشي بأن الصراع في غزة تحوّل إلى معركة متعددة المستويات، يُستخدم فيها البعد الإنساني كأداة لإعادة تشكيل السردية الدولية، وتجهيز الأرضية القانونية والسياسية لمعركة ممتدة، قد يكون أثرها الاستراتيجي أشد وقعًا من صخب المدافع والعمليات العسكرية ذاتها.