رحيل "القاضي الرحيم".. أيقونة العدالة التي لامست قلوب الملايين
ودّعت الولايات المتحدة والعالم مساء الأربعاء القاضي الأميركي الشهير فرانك كابريو، الملقب بـ"القاضي الرحيم"، الذي توفي عن عمر ناهز 88 عاما بعد صراع طويل وشجاع مع سرطان البنكرياس.
وأعلن حسابه الرسمي على "إنستغرام" خبر الوفاة، مؤكدا أن كابريو سيُذكر "ليس فقط كقاضٍ محترم، بل كزوج وأب وجد وصديق، عاش حياته ناشرا الرحمة واللطف، وترك أثرا لا يُمحى في كل من عرفه".
حاكم ولاية رود آيلاند دان ماكي أمر بخفض الأعلام إلى نصف السارية، واصفا إياه بـ"كنز الولاية"، في إشارة إلى مكانته الاستثنائية في المجتمع المحلي والدولي.
رسالة من سرير المرض
قبل أيام قليلة، ظهر كابريو في مقطع مؤثر من سريره في المستشفى، طلب فيه من متابعيه الدعاء بعد انتكاسة صحية جديدة، قائلا: "واجهت نكسة صحية وعدت من جديد إلى المستشفى… أطلب منكم مرة أخرى أن تتذكروني في صلواتكم".
وكان القاضي قد شُخص بسرطان البنكرياس في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وخضع لعلاج كيميائي وإشعاعي استمر أشهرا عدة، ما أرهقه بشدة. لكنه ظل متمسكا بالأمل، وشارك متابعيه لحظات رمزية للقوة، منها ظهوره في يوليو/تموز 2024 وهو يؤدي تمارين الضغط قائلا: "لقد عدت".
مسيرة إنسانية وقضائية
وُلد كابريو عام 1936 في بروفيدنس لعائلة مهاجرة من إيطاليا، وتدرج في سلك القضاء حتى شغل منصب قاضٍ في محكمة بروفيدنس البلدية لنحو 38 عاما.
ذاع صيته عالميا من خلال برنامجه التلفزيوني الشهير "محاصر في بروفيدنس" (Caught in Providence)، الذي كشف جانبه الإنساني وهو يستمع بتعاطف للمخالفين المروريين ويخفف العقوبات مراعاة لظروفهم الاجتماعية.
إرث خالد
لم يقتصر تأثيره على المحكمة، بل وثّق تجربته في كتابه "الرحمة في المحكمة"، مستلهما قيمه من والده بائع الحليب الذي كان يوصل الحليب للفقراء حتى إن عجزوا عن الدفع.
أما برنامجه التلفزيوني فقد حقق انتشارا عالميا ورُشح عام 2021 لجائزة "داي تايم إيمي"، وحصدت مقاطع جلساته ملايين المشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي.
برحيله، يطوي العالم صفحة قاضٍ استثنائي جمع بين هيبة العدالة ودفء الإنسانية، وترك إرثا من الرحمة سيظل حيّا في ذاكرة من عرفوه ومن تابعوه.