قبل فوات الأوان... الأمير الحسن بن طلال يوجه رسائل تستدعي الانتباه

 

قال سمو الأمير الحسن بن طلال إنّ ملامح المرحلة المقبلة لا توحي بأي انفراج محتمل أو تبشر بالخير، ما لم تتوافر الإرادة الدولية الجادّة والواعية، تلك الإرادة التي تجلّت بصورة أولية في محاولات جمع السياسيين وصنّاع القرار على طاولة حوار واحدة بشأن الأزمة الأوكرانية ـ الروسية، غير أنّ تلك المساعي تبقى محكومة بالفشل إذا ظلّت رهينة سياسة الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة التي تقوّض أي إمكانية لتحقيق العدالة الشاملة.

وفي هذا السياق، أشار سموه إلى أنّ ما يحدث في غزة يتجاوز حدودها الجغرافية الضيقة، ويتخطى المأساة الإنسانية المباشرة ليعكس مسارًا أعمق يتمثل في ملامح مشروع استعماري ثلاثي الأبعاد، يرمي ـ بصورة متدرجة ومدروسة ـ إلى فصل القدس عن محيطها الطبيعي في الضفة الغربية، بانتظار الضوء الأخضر لتنفيذ مخطط يبدو أنّه يسير بخطوات متسارعة.

وتساءل سموه في هذا الإطار: "ماذا سيبقى لنا في القدس العربية، الإسلامية والمسيحية، إذا اكتمل مشروع التهويد وأُزيحت عن الوعي الجمعي للأمة؟".

كما استحضر سموه ما كتبه الصحفي أنتوني لوبنشتاين حين وصف الضفة الغربية بأنها "مختبر فلسطين"، أي مختبر لتجريب أحدث الأسلحة وأدق وسائل التجسس، في الوقت الذي تحوّلت فيه غزة إلى مختبر موازٍ لاختبار أساليب القمع والتنكيل والإبادة، بما يكشف ـ بصورة صارخة ـ عن أن فلسطين بأكملها تحوّلت إلى فضاء للتجارب الاستعمارية المعاصرة.
وأضاف الأمير الحسن أنّه من اللافت أنّ أصواتًا ناقدة بدأت تتعالى حتى من داخل المجتمع اليهودي نفسه، رافضةً نهج البطش والإبادة والتنكيل، وهو ما يعكس إدراكًا متزايدًا بأنّ القيم الديمقراطية لا يمكن أن تكون انتقائية أو مجتزأة، وأنّ من يسعى إلى أن يكون جزءًا من منظومة الديمقراطية العالمية عليه أن يتبنّى مبدأ وحدة القيم وكونيتها دون انتقاص أو ازدواجية.

وفي مخاطبته المباشرة للشباب، شدّد سموه على ضرورة استخلاص العبر مما يجري في المنطقة، والتنبه إلى أنّ هذه السياسات قد تُوجَّه في لحظة ما إلى منطقتنا على نحو مباشر، الأمر الذي يحتم صياغة بيانات واضحة، وتحصيل معرفة دقيقة، وبناء مواقف صلبة ومتماسكة قادرة على الصمود في مواجهة محاولات التهميش والإقصاء.

وختم الأمير الحسن بالتأكيد على أنّ الحاجة باتت ماسّة إلى إنهاء حالة التمييز والانقسام المفتعلة بين نازح ولاجئ، أو سوري وفلسطيني وعراقي، مذكّرًا بما قاله جده: "أنا عربي"، مصيفًا سموه: "أنا عربي حجازي، فلسطيني، عراقي، سوري في آن واحد، فما جدوى هذه التقسيمات؟... إنّنا جميعًا ننتمي إلى نهضة واحدة متواصلة، وعلينا أن نستأنفها بما نملك من فكر، وبما نستطيع من صبر وتحمل لبعضنا البعض، وبالحوار والتعاون الذي يشكّل السبيل الأوحد لبناء أوطاننا وخدمة إنسانيتنا الجامعة".