ما يجب أن يقال عن خدمة العلم
قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي إن إعادة إحياء فكرة خدمة العلم غدت ـ في الوعي الجمعي والسياسات الوطنية ـ ضرورة استراتيجية تمسّ جوهر بناء الإنسان الأردني وتأسيس شخصيته على أسس راسخة من الانضباط والمسؤولية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه التجربة، بما تنطوي عليه من قيم ومعانٍ، تُسهم في إعادة صياغة وعي الشباب وتزويدهم بمهارات حياتية لم يألفوها في مساراتهم المدنية التقليدية، لتتحوّل إلى مدرسة عملية في الالتزام والجدّية والاعتماد على الذات، فضلًا عن احترام الأنظمة والقوانين بما هي ركيزة أي نظام اجتماعي سليم.
وإذا كان الشباب يواجهون في حاضرهم تحدّيات متشابكة، من البطالة واتساع مساحات الفراغ إلى هشاشة الروابط الاجتماعية أحيانًا، فإنّ خدمة العلم تأتي لتسدّ هذه الفجوات عبر إغناء التجربة الفردية والجماعية معًا، وفقًا لما صرّح به الخزاعي، مستطردًا: من جهة تفتح آفاقًا للتعارف والتواصل بين أبناء المحافظات والمناطق المختلفة، فتوسّع المدارك وتبني شبكات إنسانية قائمة على الانتماء الوطني المشترك؛ ومن جهة ثانية تُدخلهم في بيئة التدريب العسكري بما تنطوي عليه من صرامة وتنظيم، فتمنحهم القدرة على ضبط الوقت، وحسن إدارة الجهد، والتدرّب على العمل الجماعي في أجواء يسودها النظام والانضباط.
أما في البُعد الرمزي والوجداني، فقد نوّه الخزاعي إلى أنّ هذه الخدمة تعمّق اللحمة الوطنية وتوثّق عُرى الانتماء بمؤسسات الدولة، وتُعيد إلى الأذهان قيمة التضحيات الجسيمة التي تقدّمها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بما يغرس في الوعي الشبابي شعورًا عميقًا بأنّ ما يقوم به هؤلاء ليس وظيفة عابرة، بقدر ما تمثل رسالة تحمل بُعدًا أخلاقيًا ومكانة اجتماعية رفيعة، وفي هذا السياق، يصبح إدراك قيمة تلك التضحيات عاملاً مضافًا في تعزيز ثقة الشباب بمؤسساتهم الوطنية وتقديرهم لدورها الحاسم في صيانة أمن البلاد واستقرارها.
واختتم الخزاعي حديثه بالإشارة إلى أن خدمة العلم تُجسّد رافعة وطنية شاملة تتجاوز حدود الأثر الفردي لتُسهم في صياغة هوية جماعية أكثر تماسكًا، وفي تأسيس وعي شبابي أكثر نضجًا وصلابة في مواجهة تحديات الداخل والخارج على حد سواء.