النظامي لـ"أخبار الأردن": تم قص شريط مرحلة "تصفية الشرق الأوسط"
قال الأستاذ المشارك والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية الدكتور علي النظامي إن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، تمثل في جوهرها مفصلًا تاريخيًا مرشحًا لإعادة صياغة موازين القوة على امتداد الإقليمين الأوروبي والشرق أوسطي، وربما تدشين مرحلة يمكن توصيفها بـ"المرحلة السوداوية" أو "زمن الوبال" على الشرق الأوسط.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ نجاح اللقاء في إنتاج تسوية تفضي إلى وقف شامل للأعمال القتالية، سيُترجم عمليًا في منح موسكو السيطرة الكاملة على الشرق الأوكراني، بما يحمله من ثروات نفطية وغازية ومعدنية، وموارد مائية وزراعية ضخمة، في مقابل تثبيت صورة بوتين في الداخل الروسي زعيمًا حسم الصراع مع كييف وانتصر على زيلينسكي، بينما يكسب ترمب ورقة سياسية - إعلامية ثمينة يمكن توظيفها في إعادة تسويق نفسه كصانع سلام عالمي، وربما كمرشح جدي لنيل جائزة نوبل للسلام.
وبيّن النظامي أن اللقاء حرر الرئيس الأمريكي العائد إلى المسرح الدولي من عبء الانشغال بالملف الأوكراني، ليتفرغ إلى ما يسميه النظامي "الملف الشرق أوسطي الجديد"؛ وهو ملف تتشابك داخله سلسلة من العقد الساخنة هي: تصفية الحساب مع إيران، وتفكيك بنية "حزب الله" العسكرية، وإعادة بلورة المشهد في غزة، وشلّ أذرع الميليشيات الموالية لطهران في العراق، والمضي قدمًا في مشروع ضم الضفة الغربية، وإنهاء المعضلة السورية عبر تسوية تعيد ضبط التوازنات الطائفية، مع إحكام السيطرة على الجنوب السوري، وصولًا إلى توقيع اتفاق عدم اعتداء بين دمشق وتل أبيب.
ولفت الانتباه إلى أن المؤشرات الدالة على هذا المسار تتسارع؛ فقد نشر موقع "إسرائيل بالفارسية" تقريرًا موجّهًا إلى الرأي العام الإيراني تحت عنوان استفزازي: "الصيف القادم سيكون الإيرانيون على شواطئ حيفا ويافا يستمتعون بمياه البحر والمشروبات الإسرائيلية، فيما صرّح أحد المحللين الإسرائيليين البارزين عبر منصة X، بأنّ "نهاية أغسطس الجاري ستشهد انطلاق الجولة الثانية من المواجهة مع إيران".
وأردف النظامي أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحرك بمنطق "سباق مع الزمن" قبل حلول أكتوبر 2026، موعد نهاية ولايته، ما يجعل الأشهر الأربعة المقبلة أشبه بـ"أشهر الحسم الوجودي" أو "أشهر نسف ما فوق الأرض" على امتداد الشرق الأوسط، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري.
وعلى خلاف التصورات الساذجة التي تختزل فكرة "إسرائيل الكبرى" في الهيمنة السياسية والاقتصادية، يرى أنّ تلك المرحلة قد طويت صفحتها مع اندلاع حرب غزة، إذ اصطفّت دول الإقليم – بدرجات متفاوتة – ضمن المحور الأمريكي - الإسرائيلي، إما بالمشاركة غير المباشرة أو بالامتثال الصارم لتوجيهاته، دون إظهار حياد حقيقي، وبهذا المعنى، فإنّ المرحلة القادمة تحمل ملامح توسع جغرافي إسرائيلي مباشر على حساب دول الجوار العربي والمتمثلة في: لبنان، سوريا، مصر، الأردن، وإن كانت الحدود الدقيقة لهذا التوسع ما تزال محاطة بضباب كثيف رغم تداول خرائط أولية لمشروعه.
ونوّه النظامي إلى أن لقاء ترمب - بوتين مجرد أقرب إلى "قمة التفاهمات الكبرى"، حيث يُنتظر أن تتبنى موسكو موقف الحياد إزاء ترتيبات الشرق الأوسط الجديد، مقابل ضمان مصالحها الاستراتيجية، خاصة بعد أن نجح بوتين في تثبيت أقدامه فوق مسرح أوكرانيا الشرقية، مستحوذًا على موارد طاقوية ومعدنية وزراعية تعزز قوّة روسيا في المدى البعيد، وتمنحها موقعًا تفاوضيًا متفوقًا أمام الغرب.
وأردف أنّ الأسبوع القادم قد يشكل لحظة قصّ الشريط لمرحلة "تصفية الشرق الأوسط" وإعادة تشكيل جغرافيته السياسية والعسكرية، في مشهد ربما يعيد رسم خرائط النفوذ على نحو لم يشهده الإقليم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.