شديفات يكتب: الأردن في قلب المعادلة… الدولة لم تترك شيئاً للصدفة
كتب عبدالرحمن خلدون شديفات
لم يعد خطاب بنيامين نتنياهو بحاجة إلى كثير من التحليل لفهم طبيعته. فما يقوله لا يتجاوز سقف مكتبه، لكنه يضع مساراً تصعيدياً واضحاً. الرجل لا يخاطب الداخل الإسرائيلي فقط، بل يرفع سقف مطالبه ليصل إلى غايته الأخطر: الضفة الغربية. تصريحاته الأخيرة لم تكن سوى مناورة للرد على الحراك الدولي المتسارع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومحاولة لإجهاض أي مكسب سياسي للفلسطينيين قبل أن يولد.
المعادلة معقدة. فبينما تنشغل أنظار العالم بالمجازر والتجويع في غزة، يخطط نتنياهو لنسف الضفة الغربية، تمهيداً لمشروع التهجير القسري الذي يهدد المنطقة برمتها. هنا تكمن الخطورة: تحويل مأساة غزة إلى ستار يمرر عبره مشروعاً أخطر وأطول مدى.
أما الأردن، فالدولة لم تترك شيئاً للصدفة. عمّان تدرك حجم التهديد المباشر على أمنها القومي من أي محاولة لفرض حلول على حساب الضفة الغربية، وتتابع الملف بحذر شديد. لكن المواجهة لا يمكن أن تبقى أردنية فقط، بل تحتاج إلى موقف عربي متماسك، يستند إلى أدوات سياسية واقتصادية ضاغطة.
المطلوب اليوم تركيز الجهد العربي على ملف الضفة الغربية. أما التشتت خلف تفاصيل جانبية فلن يخدم سوى الاحتلال. على العرب أن يدعموا دول الطوق: الأردن ومصر ولبنان وسوريا، إضافة إلى السلطة الفلسطينية، في مواجهة أي صدام متوقع. فالتاريخ يعلّم أن مشاريع التهجير لا تتوقف عند حدود معينة، بل تتدحرج لتصبح كارثة جماعية.
دون موقف عربي حازم، سنبقى ندور في حلقة العبث ذاتها، مع كيان يثبت كل يوم أنه لا يفهم سوى لغة القوة، ولا يتراجع إلا تحت الضغط الحقيقي. الضفة الغربية اليوم ليست مجرد ساحة صراع جديدة، بل هي مفتاح مستقبل المنطقة بأكملها.