أبوجبلة يكتب: مكتبة مؤرخ الأردن المرحوم سليمان الموسى وأمانة عمان
بقلم : أ.د.عامر أبوجبلة
ترك مؤرخ الأردن المرحوم سليمان الموسى إرثا تاريخيا لا يعوض في مفاصل وتاريخ الأردن الحديث والمعاصر ، ومؤلفاته في هذا المجال حول تاريخ الأردن باللغة العربية واللغات الأخرى، تعتبر مرجعا بل مصدرا مهما لتأريخ تاريخ الأردن ، وعلى الأخص تاريخ الهاشميين ودورهم في التاريخ الحديث والمعاصر ..
وبعد مرور عام من وفاته رحمه الله وبالتحديد في في 6 حزيران 2009 م تم إطلاق اسم مكتبة سليمان الموسى المتخصصة في تاريخ الأردن على مكتبة مركز الحسين الثقافي في راس العين وتقرر دعم المشروع من قبل وزارة الثقافة وأمانة عمان .. ولكن في عام 2021م تم إغلاق المكتبة ونقلها إلى حدائق الحسين ، وتم افتتاح قاعة صغيرة (عبارة عن مجموعة من الدكاكين) تحمل إسم سليمان الموسى في حدائق الحسين، تفتقر الى مرافق صحية، ويصعب الوصول اليها لكبار السن في عام 2023م ، مع العلم أن مكان المكتبة في أمانة عمان تم تحويلها إلى قاعة اجتماعات ، إذ كانت قبلا مكانا لعقد العديد من الندوات وإشهار العديد من الكتب ، وأصبحت مزارا لطلبة الجامعات والمدارس والمهتمين والدارسين لتاريخ الأردن ، إذ عززت أمانة عمان هذه المكتبة بالوثائق التاريخية ووثائق الثورة العربية الكبرى وكل ما يتعلق بتاريخ الأردن ومن ضمنها مؤلفات وإرث المؤرخ سليمان الموسى .
لقد أفنى سليمان الموسى حياته مدونا وباحثا وجامعا لتاريخ الأردن والثورة العربية الكبرى ، كما وثق تاريخ الأردن في القرن العشرين ، وكتب عن الأردن وفلسطين ، وبطولات الجيش العربي الأردني على أسوار القدس في حرب عام 1948م ، وكتب عن كايد المفلح العبيدات أول شهيد أردني على ثرى فلسطين وعودة أبو تايه وهزاع المجالي ووصفي التل وسليمان النابلسي وسعيد المفتي ، كما كتب عن عمان ، وترجم العديد من الكتب عن مشاهدات الرحالة الأوائل في بلادنا .
إن نقل وتغيير مكان هذه المكتبة إلى مكان آخر قلل من شأنها ومن زوارها بعد أن كانت في مكان مناسب يؤمه الباحثون والمهتمون بتاريخ الأردن في وسط العاصمة عمان ،كونها مكتبة متخصصة في تاريخ الأردن حيث مؤلفات ووثائق وإرث سليمان الموسى وغيرها من الوثائق والكتب التي وفرتها أمانة عمان لهذا الهدف الوطني بامتياز .
تفتخر الأمم بمثقفيها ومبدعيها ورواد نهضتها ومن الأجدر أن يستمر تكريم أمثال هؤلاء مثل مؤرخ الأردن المرحوم سليمان الموسى أن تكون مكتبة سليمان الموسى واسمه لامعا وظاهرا للأجيال في مبنى أمانة عمان وبما يليق بتاريخ الأردن الذي صنعه الميامين من ملوك بني هاشم ، وجيشه المصطفوي الذي سجل أروع البطولات دفاعا عن ثرى الأردن الطهور .
إن رجلا ومؤرخا بحجم سليمان الموسى الذي أمضى حياته ،ووظف قلمه في كتابة تاريخ الأردن مخلصا ومنتميا لإرث وتاريخ الأردن بجد وأمانة وموضوعية ، ومؤلفاته التي بين أيدينا لتشهد على ما نقول بحقه ..فهو يستحق أن يبقى ذكره سائرا بيننا وللأجيال القادمة ، وهذا لن يتأتى إلا بجهود المخلصين الذين يحرصون على الفخر بقاماتهم المثقفين والمبدعين وذكراهم ، وتقدير جهودهم من أمثال المؤرخ سليمان الموسى رحمه الله .
وإنني إذ أكتب هذه الكلمات " وفاء " بحق سليمان الموسى لكوني قد عرفته عن قرب ، وكنا قد التقينا مرات عدة في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأعوام من ( 1982-1988م) وأهداني متفضلا عددا من كتبه حول تاريخ الأردن وشخصياته الوطنية ، وكان حديثنا ومسار حوارنا ونقاشاتنا ومحورها كلما التقينا "تاريخ الأردن ".
وكوني أحد أعضاء جمعية المؤرخين الأردنيين ، فنحن معنيون بتاريخ الأردن ومؤرخيه أصحاب العطاء البارز والمتميز كمؤرخ الأردن المرحوم سليمان الموسى ،ونحن على ثقة بأن أمانة عمان الكبرى ستعيد النظر في قرار نقل المكتبة وإعادتها الى مكانها الأصلي في مركز الحسين الثقافي في رأس العين، والعمل على تطوير ودعم هذه المكتبة، وأرشفة محتوياتها وجعلها مزاراً لطالبي المعرفة، وخاصة لما له علاقة بتاريخ الأردن كما كان مخططاً لها عند إنشائها.