غنيمات يكتب: تعديل "حسان" من "قلة الهيبة" الى التقدير
طلال غنيمات
إعلان مكتب رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان عن إجراء تعديل وزاري واسع يؤسس لحالة سياسية بالغة الأهمية، تتجاوز حدود الإجراء الإداري إلى معاني أعمق ترتبط بالثقة، والشفافية، وإعادة هيكلة العلاقة بين الدولة والمجتمع، ذلك أنّ مجرد الإفصاح المسبق عن النية في هذا التغيير، يشكّل خطوة نوعية، تقطع مع نهج المفاجآت والتسريبات، و" قلة الهيبة" أحيانا، وتضع الجميع، داخل الكادر الحكومي وخارجه، أمام صورة واضحة لما هو مقبل عليه.
رئيس الوزارء بقرار الإعلان المسبق عن التعديل يكرس حالة جديدة من احترام الموقع والوزير بدلا من قاعدة التعديل وكأنه "عمل سري". إذ يبدو ان لحسان طريقته ومعاييره المهنية الرفيعة المستوى.
البيان الذي صدر عن مكتب رئيس الوزراء، والذي أوضح أنّ التعديل سيطال ما يقارب ثلث الفريق الوزاري ونصف فريق التحديث، لا يمكن قراءته على أنه مجرد إعادة توزيع للأدوار أو تبديل أسماء؛ فهو في جوهره إعلان صريح عن رغبة جادة في رفد الفريق الوزاري بدماء جديدة، قادرة على البناء على ما أُنجز، ومؤهلة لمواكبة التسارع الذي تتطلبه مشاريع التحديث الكبرى، وعلى رأسها رؤية التحديث الاقتصادي، فالأخيرة – أي الرؤية - لا تحتمل الجمود، ولا يمكن أن تُدار بعقلية تقليدية أو بأدوات استهلكها الزمن، وإنما تحتاج إلى قيادات ميدانية، متكاملة القدرة، قادرة على تحويل الخطط النظرية إلى برامج تنفيذية قابلة للقياس والتقييم.
وما يضفي على هذا القرار وزنًا مضاعفًا، أنّه جاء في توقيت يسبق إطلاق البرنامج التنفيذي الثاني لرؤية التحديث الاقتصادي، بما يعكس وعيًا سياسيًا متقدمًا بأهمية التوقيت كأداة حاكمة لنجاح المشاريع الوطنية، فالتعديل هنا عملية إعادة تموضع استراتيجية، توازن بين الاستمرارية والتجديد، وتستهدف تسريع الإيقاع بما يتناسب مع حجم التطلعات الوطنية.
ومن زاوية أخرى، فإنّ هذا الإعلان يضعنا أمام "برواز يأخذ العقل" بالمعنى السياسي والأخلاقي، لأنه يؤسس لثقافة مكاشفة داخل مؤسسات الدولة، حيث يدرك كل وزير ومسؤول أن موقعه ليس محسومًا إلى الأبد، وأن معايير البقاء أو المغادرة تستند إلى رؤية أوسع من المصالح الفردية أو الحسابات الشخصية، وبذلك، يتحقق نوع من الانضباط الذاتي داخل الفريق الحكومي، وينشأ وعي بأن خدمة الوطن مسؤولية متجددة لا امتياز دائم.
إنّ وزن هذا التعديل يمتد ليكرّس نموذجًا جديدًا في الإدارة السياسية، قوامه الشفافية والتخطيط المسبق، وتجنب الارتجال الذي لطالما أضعف ثقة الناس بالسياسات العامة، ومن هنا، فإنّ إعلان التعديل الوزاري بداية مرحلة قد تفتح الباب لبلورة خطاب سياسي جديد، أكثر تماسًا مع تطلعات الأردنيين، وأكثر اتساقًا مع متطلبات الدولة الحديثة التي يسعى الأردن لترسيخها، وهذا بالتأكيد ما نتطلع إليه جميعًا!.
لدى كثير منا قصص وحكايا عن"نهفات" وقعت لوزراء كثر إبان تعديلات الحكومات، ويبدو ان حسان قرر وضع حد لكل هذه "النهفات" المخجلة احيانا.