تزايد إصابة أطفال الأردن بالسكري بعد كورونا
أكد استشاريون وخبراء أن أطفال السكري في الأردن يواجهون تحديات متفاقمة، أبرزها نقص الرعاية الطبية والأدوية، وارتفاع كُلفة الأجهزة الضرورية مثل حساسات قياس السكر، خاصة في مناطق الجنوب.
وقال استشاري طب الأطفال والغدد الصماء الدكتور يزن مقدادي، لإذاعة "عين إف إم"، إن معاناة طفل السكري تبدأ مبكرا، إذ يحتاج إلى إجراء فحص السكر من 6 إلى 10 مرات يوميا، بالإضافة إلى تلقي إبر الأنسولين بمعدل 4 مرات يوميا، مشيرا إلى أن نحو 10 آلاف طفل في الأردن مصابون بالسكري.
وأشار إلى ارتفاع أعداد الإصابات بعد جائحة كورونا، مرجحا أن يكون للفيروس علاقة في ذلك، لافتا إلى أن أجهزة الحساس التي تُستخدم لمراقبة السكر بشكل مباشر تخفف المعاناة اليومية، لكنها باهظة الثمن وتصل كلفتها إلى 100 دينار شهريا.
كما حذر مقدادي من شراء أدوية السكري من صفحات التواصل الاجتماعي غير المرخصة، مشددا على أن الأنسولين يحتاج إلى تخزين دقيق ولا يمكن ضمان جودة الأدوية المباعة بهذه الطريقة.
بدورها، أوضحت لينا صبيح، المسؤولة عن مبادرة "بنك السكري"، أن المبادرة انطلقت لتخفيف الأعباء المالية عن عائلات الأطفال المصابين، وتغطية حالات انقطاع الأنسولين. وذكرت أن المبادرة أصبحت جمعية مرخصة وتستقبل التبرعات، مؤكدة أن عدد أطفال السكري تجاوز 14 ألف طفل بعد الجائحة.
نقص الرعاية في الجنوب
من جانبها، قالت الدكتورة رندا القيسي، استشارية أمراض الغدد الصماء والسكري لدى الأطفال، إن مناطق الجنوب ما زالت تفتقر للعيادات المتخصصة، مما يدفع الأهالي إلى السفر إلى العاصمة عمان، وسط صعوبات كبيرة في الحصول على الأدوية في القطاع الحكومي، وهو ما يضطر المرضى إلى شراءها من القطاع الخاص بتكاليف مرتفعة.
وأكدت أن الفحوصات الضرورية غير متوفرة في مستشفيات الحكومة، ما يزيد من معاناة المرضى.
وزارة الصحة ترد
في المقابل، أوضحت الدكتورة ريم الهباهبة، مديرة مديرية المشتريات والتزويد في وزارة الصحة، أن إبر الأنسولين متوفرة في المستشفيات الحكومية، ويتم صرف الشرائح وات للأطفال دون سن 15 عاما، مشيرة إلى أن الوزارة تستقبل الشكاوى وتتابعها، رغم اعترافها بوجود انقطاعات دورية في توفر الأدوية.
"الغذاء والدواء": الأدوية عبر الإنترنت ممنوع
وأكدت الدكتورة رنا ملكاوي، مديرة مديرية الدواء في مؤسسة الغذاء والدواء، أن بيع الأدوية عبر منصات التواصل الاجتماعي ممنوع ويُعاقب عليه القانون.
وأضافت أن المؤسسة ضبطت مؤخرا شقة تبيع أعشابا يُروّج لها كبديل للأنسولين، وتمت إحالة المتورطين إلى المدعي العام.
وقالت إن المؤسسة بصدد دراسة تسعير حساسات السكر رسميا، عبر مديرية المستلزمات، لضمان توفرها بأسعار مناسبة.
رفض المدارس وكلفة علاج تثقل كاهل الأسر
قالت أخصائية علم النفس والإرشاد، شروق زغول، وهي والدة لطفلة مصابة بداء السكري، إن أطفال السكري في الأردن يواجهون تحديات كبيرة في القطاع التعليمي، خصوصا في المدارس الحكومية التي ترفض في كثير من الأحيان استقبالهم.
وأضافت زغول أن العديد من أولياء الأمور تقدموا بشكاوى مماثلة، مشيرة إلى أن بعض إدارات المدارس الحكومية ترفض تسجيل أطفال مصابين بالسكري، بحجة عدم قدرة الكادر التعليمي على تحمل مسؤولية هؤلاء الطلبة، في ظل غياب التأهيل والتدريب للتعامل مع هذه الحالات الطبية.
وأكدت زغول أن ابنتها، التي تدرس في الصف السادس، التحقت بمدرسة خاصة تتوفر فيها ممرضة، لكنها مع ذلك تضطر إلى التواجد يوميا لإعطاء طفلتها حقنة الأنسولين بنفسها، ما يعكس حجم الصعوبات التي تواجهها الأسر في تأمين الرعاية الصحية داخل البيئة التعليمية.
وشددت زغول على أهمية توعية أولياء الأمور وتثقيفهم حول طبيعة مرض السكري، باعتبارهم خط الدفاع الأول في دعم أطفالهم، لافتة إلى أن التكلفة الشهرية لعلاج الطفل الواحد تصل إلى نحو 250 دينار، تشمل شرائح فحص السكر (بسعر 18 دينار للعلبة ويحتاج الطفل 4 علب شهريا) إضافة إلى ات التي تبلغ كلفتها 100 دينار شهريا، دون احتساب كلفة الغذاء الصحي الضروري للمريض.
وأشارت إلى أن المؤسسات الصحية الحكومية لا توفر كامل كميات الأدوية وات المقررة للأطفال، إذ يحصل الأهل على نحو ربع احتياجاتهم فقط، بحجة عدم توفر المستلزمات، ما يفاقم العبء المالي والصحي على الأسر.
وطالبت زغول وزارة التربية والتعليم بوضع آلية واضحة لاستيعاب أطفال السكري في المدارس الحكومية وتأهيل المعلمين، وضمان بيئة تعليمية آمنة وشاملة لهم، مؤكدة أن تجاهل هذه الفئة يعمق من معاناتها ويهدد مستقبلها الدراسي والصحي.