69 % من أطفال الأردن لا يأخذون "اللقاح الأول"

 

بالتزامن مع الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية الذي يُحتفى به سنوياً في الأسبوع الأول من آب، أظهرت بيانات وطنية مقلقة بأن نحو ربع الأطفال في الأردن دون سن 6 أشهر فقط يعتمدون على الرضاعة الطبيعية المطلقة، في حين يتم فصل الغالبية العظمى من المواليد عن أمهاتهم عقب الولادة، لا سيما في مرافق القطاع الخاص، مما يُعيق عملية الرضاعة الطبيعية من لحظتها الأولى.

ووفقاً لإحصائيات نشرها المجلس الأعلى للسكان، فإن 69% من المواليد يُفصلون عن أمهاتهم بعد الولادة في مرافق القطاع الخاص (الحضانات)، بينما تلقى 38% فقط من الأطفال رضاعة طبيعية خلال أول يومين من حياتهم، في وقت تؤكد فيه الأدلة العلمية أن حليب الأم هو "اللقاح الأول" الذي يضمن الحماية الصحية والتغذية المثلى للرضيع.

ويُقام أسبوع الرضاعة لهذا العام تحت شعار: "دعم الرضاعة الطبيعية: مسؤولية المنظومة الصحية والمجتمع – ضمن حملة البدايات الصحية، مستقبل مليء بالأمل"، في دعوة لتعزيز بيئة داعمة ومتكاملة تُساعد الأمهات على ممارسة الرضاعة الطبيعية منذ اللحظة الأولى.

وتوصي منظمة الصحة العالمية واليونيسف بالرضاعة الطبيعية المطلقة خلال الأشهر الستة الأولى من حياة الطفل، تليها التغذية التكميلية مع استمرار الرضاعة حتى عمر السنتين أو أكثر، لما لذلك من فوائد طويلة الأمد على صحة الطفل والأم، خاصة في الأسر محدودة الدخل التي لا يمكنها تحمل تكاليف الحليب الصناعي.

وتُعد الرضاعة الطبيعية استثمارًا صحيًا واقتصاديًا، إذ يشير البنك الدولي إلى أن كل دينار يُنفق على دعم الرضاعة الطبيعية يحقق عوائد بقيمة 35 دينارًا، نتيجة تقليل نفقات العلاج وتحسين الإنتاجية في المستقبل.

كما أن متوسط تكلفة الحليب الصناعي في الأردن يصل إلى 55 دينار شهريًا، ما يُشكل عبئاً حقيقياً على الأسر محدودة الدخل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأطفال المحرومين من حليب أمهاتهم هم أكثر عرضة للأمراض المزمنة والمعدية، مما يرفع كلفة الرعاية الصحية.

الرضاعة الطبيعية.. حماية للأم أيضاً

ولا تقتصر الفوائد على الرضيع، إذ أن الرضاعة الطبيعية تُسهم في حماية الأم من سرطان الثدي والمبيض، وتقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام، وتُساعد في وقف النزيف بعد الولادة، بالإضافة إلى تأخير عودة الدورة الشهرية، ما يوفر وسيلة طبيعية لتنظيم الحمل، رغم أن استخدامها في الأردن ما يزال محدوداً بنسبة لا تتجاوز 0.4%.

وتشير الأرقام إلى تراجع ملحوظ في معدلات الرضاعة الطبيعية خلال العقود الثلاثة الأخيرة في الأردن، من 39% إلى 24%، ويُعزى هذا الانخفاض إلى ممارسات مثل فصل المواليد عن أمهاتهم عقب الولادة، خاصة بعد العمليات القيصرية، والاعتقاد الخاطئ بأن الأم القيصرية لا تستطيع الإرضاع، بالإضافة إلى ما يُثار من ملاحظات حول تقديم عينات من الحليب الصناعي للأمهات عند مغادرتهن المستشفى.

وتُسلّط هذه التحديات الضوء على الحاجة المُلحّة لتطوير ممارسات داعمة في مرافق الولادة، بما فيها التوسع في تطبيق برنامج المستشفيات الصديقة للمولود.

لزيادة نسب الرضاعة الطبيعية، توصي الجهات المعنية باتخاذ حزمة من الإجراءات تشمل:

تدريب الكوادر الصحية على الدعم العملي للأمهات قبل وبعد الولادة.

توسيع نطاق برنامج المستشفيات الصديقة للأطفال ليشمل كافة المحافظات.

منع الترويج للحليب الصناعي وتطبيق المدونة الدولية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.

تشجيع بدء الرضاعة خلال الساعة الأولى بعد الولادة، بما فيها الولادات القيصرية.

تعزيز مشورة الحمل والولادة حول أهمية الرضاعة الطبيعية للأم والطفل والمجتمع.