الديري تكتب: في زمن "التيك توك"… الطفولة تحتضر!
بقلم حلا الديري.
نعم، بكل بساطة، وكأن هذه المرحلة الجميلة أُلغيت من حياة الجيل الجديد، وكأن الأمهات لم يلدن أطفالًا بل مراهقين في أجساد صغيرة.
صار من الطبيعي أن ترى طفلة في الثامنة تقلد فاشينيستا في طريقة كلامها ولبسها، أو طفلًا في التاسعة يناقشك في "الترند" ويتابع محتوى قد لا يفهمه أصلًا، لكنه يكرره ويقيس عليه سلوكه.
صار التفلزيون قديمًا، وصار الحيّ بلا قيمة، وصار اللعب بالرمل والطين مثيرًا للشفقة… الكل ممسك بهاتف، والطفل في عمر الستة صار يعرف ما لا يجب أن يعرفه قبل الخامسة عشرة.
لقد باتت الطفولة مرحلة مسرّعة، لا أحد يتوقف عندها.
لا ألعاب حقيقية، ولا براءة حقيقية، ولا أسئلة بريئة كما كنا نسألها نحن.
كل شيء تغيّر.
حتى خيالات الأطفال صارت تشبه الكبار: "أريد أكون مشهورًا"، "أريد أفتح قناة"، "أريد أصير مؤثر".
أين تلك الأحلام الصغيرة البريئة؟
أين الطفل الذي يتأمل القمر ويتخيله وجهًا مبتسمًا؟
أين البنت التي تحلم بدمية تتكلم، لا بهاتف يصورها؟
نحن اليوم أمام جيل يُسرَق من بين أيدينا ونحن نضحك ونقول: "الله شو ذكي!"
نحن نمنحهم الشاشات بدل الحكايات، ونُعجَب بتصرفاتهم "الكبيرة"، ثم نتفاجأ حين يكبرون فعلًا… بلا طفولة، بلا نضج، بلا توازن.
الطفولة اليوم لا تُحتضر فقط…
بل تُختصر، تُشوّه، وتُدفن في بحر من المحتوى، والضغط الاجتماعي، والتقليد الأعمى.
فمن يعيد لأطفالنا طفولتهم؟
ومن يوقف هذا الركض نحو "أن يكونوا أكبر من عمرهم"؟
ومن يجرؤ على القول:
كفى! دعوا الطفل يعيش طفولته