المحامية المتدربة غادة الحجاج تكتب: العقوبات البديلة في النظام القانوني الأردني: نحو عدالة إصلاحية مستدامة

 المحامية المتدربة غادة الحجاج

سعت الحكومة الأردنية، بالتعاون مع السلطة القضائية، إلى اتخاذ خطوات عملية نحو تطوير منظومة العدالة الجنائية من خلال التوسّع في تطبيق إجراءات المحاكمة عن بُعد وتعزيز الربط الإلكتروني مع الجهات ذات العلاقة. ويأتي هذا التوجه انسجامًا مع السياسة العامة للدولة في تبني العقوبات البديلة عن العقوبات السالبة للحرية، لا سيما خدمة المجتمع، كخيار إصلاحي يوازن بين مصلحة المجتمع وحقوق الأفراد.

وفي هذا السياق، تقدّمت الحكومة بمشروع قانون معدل لكل من قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية، بهدف توسيع نطاق تطبيق العقوبات المجتمعية كبديل فعّال عن الحبس في بعض الجرائم البسيطة، إلى جانب إرساء مبدأ العدالة التصالحية، التي تتيح فرصًا أكبر للتسوية بين أطراف الدعوى ضمن إطار سيادة القانون.

إن العقوبات البديلة تُعد من المفاهيم الحديثة في الفقه الجنائي، وتهدف إلى إعادة النظر في فلسفة العقوبة، بحيث تتحول من أداة للردع المجرد إلى وسيلة للإصلاح وإعادة الإدماج. ومن هنا، فإن الحديث عن العقوبات البديلة يقتضي الإشارة إلى مساوئ العقوبات السالبة للحرية، حيث ثبت من التجربة العملية أن السجن، خصوصًا في الجرائم البسيطة، غالبًا لا يحقق الغاية المرجوة من العقوبة، بل يفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.

وقد أدرك المشرّع الأردني هذه الإشكاليات، وسعى من خلال نظام العقوبات البديلة إلى تقليل آثار السجن السلبية، مثل الاكتظاظ داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، وما يترتب عليه من أعباء مالية كبيرة على الدولة، إضافة إلى الاحتكاك بين المحكومين الجدد وأصحاب السوابق الخطيرة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تدهور سلوك المحكومين بدلاً من إصلاحهم.

كما أن من أبرز أهداف العقوبات البديلة، هو الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمحكوم عليه، من خلال تجنيبه الانقطاع عن عمله ومصدر رزقه، ما يخفف العبء عن أسرته والمجتمع بأكمله. وبذلك، يتم تحقيق مقاربة قانونية حديثة تضمن التوازن بين الردع العام والإصلاح الفردية.
إن التوسع في تطبيق العقوبات البديلة يمثل نقلة نوعية في السياسة الجنائية الأردنية، ويعكس تحوّلًا نحو مفاهيم أكثر إنسانية وعدالة .
‎وفي الختام اي توجه نحو العقوبات البديله يعد خطوة ايجابية يجب التوسع فيها ، لأن الهدف من العقوبة في الأصل هو الإصلاح ، وليس فقط التنفيذ.
‎فاالإجراءات العقابية التقليدية قد تخلق ظروفا سلبية تُفاقم من معاناة الموقوف أو المحكوم ، بدلا من تأهيله واصلاحه ، وإن اعتماد هذه البدائل وتطويرها ضمن إطار قانوني ومؤسسي سليم ، من شأنه أن يرسّخ مبادئ العدالة الناجزة ويعزز الثقة العامة بمنظومة القضاء.