جراح بريطاني: أطفال غزة ينامون ببطون مملوءة بالماء والملح

 

قال الجراح البريطاني غرايم غروم، العائد من مهمة تطوعية في قطاع غزة، إن الأطفال هناك يضطرون إلى النوم ببطون مملوءة بالماء والملح، في ظل أزمة إنسانية خانقة وصفها بأنها "مفتعلة"، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل.

وكشف غروم عن مشاهد صادمة عاشها خلال عمله ضمن فريق طبي تطوعي في غزة، حيث يواجه السكان مجاعة حادة ونقصًا كارثيًا في الغذاء والتغذية، تسبب في وفاة عشرات الرضع وتدهور الوضع الصحي للجرحى المدنيين.

منذ الثاني من مارس/آذار 2025، تغلق إسرائيل جميع المعابر مع قطاع غزة، وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، مما أدى إلى تفشي المجاعة، بحسب وزارة الصحة في القطاع، التي أعلنت أن عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية حتى الأربعاء الماضي بلغ 154 فلسطينيًا، بينهم 89 طفلًا، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

"ليست مجاعة طبيعية"

وأوضح غروم أن الجوع لا يصيب المرضى وحدهم، بل يمتد إلى الطواقم الطبية، مؤكّدًا أن ما يجري في غزة ليس مجاعة ناتجة عن ظروف طبيعية، بل مفتعلة بالكامل. وأضاف: "الجوع يُعيق تعافي المصابين، ويزيد احتمالات الإصابة بالعدوى، ويرفع معدلات الوفاة".

في زيارته إلى عيادة متخصصة بسوء التغذية في 27 مايو/أيار الماضي، أبلغه طبيب أطفال محلي أن 60 رضيعًا توفوا جوعًا منذ بدء الحصار، بعضهم بسبب عدم توفر حليب خاص لمن يعانون من عدم تحمّل اللاكتوز.

وذكر غروم أن 12 طفلًا يُشخّصون يوميًا بسوء تغذية حاد، بينما تعاني العديد من الأمهات من الجوع لدرجة تعيق إرضاع أطفالهن.

وروى الجراح البريطاني معاناة زميله نزار أبو دقة، طبيب التخدير الفلسطيني، الذي أبلغه أن عائلته لم تجد ما تأكله. وقال إن أبناءه الستة (بين عامين ونصف و13 عامًا) يضطرون لملء بطونهم بالماء وقليل من الملح كي يناموا، مشيرًا إلى أن نزار اشترى مؤخرًا 8 كيلوغرامات من الطحين بمبلغ 300 دولار – أي أكثر بمئة مرة من السعر المعتاد قبل الحرب – وهو كل ما كان يملكه، ولن يكفيهم سوى أيام معدودة.

ولادات مبكرة بسبب الجوع

وفي السياق ذاته، قالت الطبيبة الأميركية أمبرين سليمي، المتطوعة مع منظمة بيت المال، إنها تضطر لإجراء عمليات ولادة قيصرية مبكرة لنساء يعانين من مضاعفات صحية حادة ناتجة عن نقص التغذية، مشيرة إلى أن معظم الأطفال يولدون بأحجام صغيرة وفي توقيت مبكر بسبب سوء تغذية الأمهات.

استهداف متلقي المساعدات

وأشار غروم إلى أن أحد معارفه، الشاب الفلسطيني محمد حميم، أرسل له مقاطع فيديو تُظهر إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على مدنيين أثناء انتظارهم المساعدات في نقاط توزيع تابعة لمؤسسة تُعرف باسم "غزة للإغاثة الإنسانية"، والتي تعمل بتنسيق أميركي-إسرائيلي، لكنها مرفوضة أمميًا وشعبيًا في غزة.

ووفق وزارة الصحة، فإن إطلاق النار المتكرر على المدنيين خلال انتظارهم للمساعدات أسفر عن استشهاد 1330 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 8818 آخرين منذ بدء آلية توزيع المساعدات هذه في 27 مايو/أيار.

"همجية من العصور الوسطى"

وجّه غروم نداءً عاجلًا لقادة العالم، قائلا: "ما نشهده في غزة ليس أزمة إنسانية فحسب، بل همجية تعود إلى العصور الوسطى. يجب وقف القصف فورًا، والسماح بدخول الغذاء والدواء".

ويعمل غروم ضمن فريق تابع لمنظمتي الإغاثة الإسلامية وإيديالز البريطانيتين، اللتين تنفذان برامج طبية في غزة منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، تشمل إرسال جراحين وأطباء، وتوفير عمليات طارئة، ومستلزمات طبية حيوية في ظل الحصار الإسرائيلي الذي يمنع خروج المرضى للعلاج أو دخول الكوادر الطبية.

وتُعد الإغاثة الإسلامية من أبرز المنظمات الفاعلة في مواجهة الأزمة الصحية بغزة، حيث أطلقت حملات لتأمين التبرعات، وتغطية تكاليف إيصال المعدات والكوادر الطبية إلى القطاع المحاصر.