الرسوم الأمريكية تهدد الصادرات الأردنية وتضع الحكومة أمام اختبار حاسم

 

قال الخبير الاقتصادي منير دية إن الاقتصاد الأردني تلقّى صفعة ثقيلة إثر قرار إدارة البيت الأبيض بالإبقاء على الأردن ضمن قائمة الدول الخاضعة لرسوم جمركية إضافية، في إطار استراتيجية أمريكية تهدف إلى إعادة تأطير ميزانها التجاري مع شركائها حول العالم. 

 

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا القرار، الذي يأتي في سياق إعادة هيكلة التعرفة الجمركية، يشمل إلى جانب الأردن كلًّا من العراق، سوريا، ليبيا، تونس، والجزائر، ويُقصي في المقابل عددًا من الدول العربية المنافسة، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر، ولبنان، والمغرب، ما يضع علامات استفهام كبرى حول أسباب التمييز في المعاملة التجارية.

 

وبيّن دية أن الإبقاء على الأردن ضمن شريحة الرسوم الأعلى – والتي تلامس حدودًا تُعيق النفاذ الفعّال للسلع الأردنية إلى الأسواق الأمريكية – يخلّ بتوازن التنافس الإقليمي، ويضرّ مباشرة بالقطاعات الصناعية الأردنية، وعلى رأسها قطاع الألبسة، الذي يعد من أبرز الروافد التصديرية للمملكة إلى الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي تشهد فيه بعض الدول المجاورة تسهيلات جمركية أمريكية متزايدة، تتجه الكلف التشغيلية للصناعات الأردنية نحو التصاعد، ما يهدد بخسارة تدريجية في الحصة السوقية لصالح منتجين إقليميين ودوليين يتمتعون الآن بامتيازات جمركية أفضل، وفقًا لما قاله لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

 

ونوّه إلى أن تداعيات القرار الأمريكي تتسع لتطال ثقة المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، فغالبية الاستثمارات التي تدفقت إلى الأردن خلال العقدين الأخيرين – لا سيما في قطاعات الألبسة والبتروكيماويات والتكنولوجيا والأسمدة – قد تم تأسيسها واستدامتها على أساس الاستفادة من الإعفاءات الجمركية التي توفرها اتفاقية التجارة الحرة بين عمان وواشنطن.

 

وبالتالي، فإن فرض رسوم إضافية من شأنه أن يُعيد رسم خارطة الجدوى الاقتصادية لهذه الاستثمارات، ويضعف الحوافز المحفّزة على التوسع أو حتى البقاء في السوق.

 

وذكر دية أن الإدارة الأمريكية كانت قد منحت شركاءها التجاريين، بمن فيهم الأردن، مهلة تفاوضية امتدت لتسعين يومًا، بدأت في نيسان وانتهت مطلع آب، بهدف إتاحة المجال للتوصل إلى تفاهمات تجارية جديدة تُخفف من وطأة الرسوم أو تتيح تعديلات مُرضية للطرفين.

 

ونوّه إلى أن الآفاق الاقتصادية للقطاعات التصديرية الأردنية تبدو أمام مفترق طرق حاد، فاستمرار الرسوم الحالية، في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج المحلي وانخفاض هوامش الربح، سيقود حتمًا إلى تراجع تنافسي في الأسواق الدولية، وتباطؤ في معدلات النمو الصناعي، فضلًا عن انعكاسات سلبية مباشرة على مؤشرات التشغيل والاستثمار.

 

وأردف دية أن الجانب الأمريكي كان قد طرح جملة من المطالب التكميلية، شملت تخفيض الرسوم المفروضة على بعض السلع الأمريكية – وعلى رأسها المركبات – إضافة إلى تسهيل دخول المنتجات الزراعية والحيوانية الأمريكية، وتسريع الإجراءات المرتبطة بالموافقات المسبقة، فضلًا عن السماح للشركات الأمريكية بالمنافسة على العطاءات الحكومية داخل السوق الأردني، وتوفير حماية أوسع للملكية الفكرية.

 

واستطرد قائلًا إنّ ما يجري اليوم هو اختبار حقيقي لمدى قدرة الدولة الأردنية على حماية سيادتها الاقتصادية، والدفاع عن مصالحها التجارية في مواجهة سياسات حمائية بدأت تفرض نفسها مجددًا على النظام التجاري العالمي.

 

وأكد دية ضرورة إعادة صياغة العلاقة التجارية مع الولايات المتحدة على نحو يُراعي أولويات الأردن وظروفه الاقتصادية، فإما أن تنجح عمّان في انتزاع صيغة توازن تحفظ مكانتها في السوق الأمريكي، أو تدخل في مرحلة أكثر صعوبة تعني – ضمنيًا – تقليص دورها كلاعب صناعي إقليمي.