كامتشاتكا ترتجف.. أحد أعنف زلازل القرن
في ساعات الفجر الأولى من اليوم الأربعاء، ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 8.8 درجات على مقياس ريختر سواحل شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا، ليُصنَّف كواحد من أقوى الزلازل في التاريخ الحديث، ويثير حالة من التأهب على طول سواحل المحيط الهادئ، من اليابان إلى هاواي.
الزلزال، الذي اعتُبر من فئة "الزلازل الدفعيّة الضخمة"، ألحق أضرارًا مادية بعدد من المباني في المنطقة الروسية النائية، وتسبب بإصابة عدد من السكان، كما دفع اليابان إلى إصدار أوامر بإخلاء معظم مناطقها الساحلية الشرقية، في استذكار مأساوي لزلزال وتسونامي عام 2011 المدمر.
تحذيرات تسونامي في المحيط الهادئ
أظهر نظام التحذير من التسونامي التابع لـالإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) مؤشرات حمراء على خريطة المحيط الهادئ، معلنًا تحذيرات فورية من تسونامي محتمل قد يضرب السواحل الروسية واليابانية، ويصل حتى ألاسكا وهاواي.
وقد بلغت موجات التسونامي المرصودة 4 أمتار في بعض المناطق، وهي كافية لإحداث أضرار جسيمة في المناطق الساحلية، وسط توقعات بأن تستمر الهزات التابعة لفترة طويلة.
لماذا كان هذا الزلزال بهذه القوة؟
وفقًا لعلماء الجيولوجيا، وقع الزلزال على طول خندق كوريل–كامتشاتكا، وهو شق عميق في قاع المحيط الهادئ يصل عمقه إلى أكثر من 10,500 متر، ويتشكّل بسبب تقارب صفيحة المحيط الهادئ مع صفيحة أوخوتسك، حيث تنزلق الأولى تحت الثانية في عملية تُعرف باسم الاندساس.
ووصف الخبراء هذا الزلزال بأنه تحرّر مفاجئ للطاقة التكتونية المتراكمة على مدى ملايين السنين، وأشاروا إلى أنه شبيه بزلزال تشيلي العظيم عام 1960، الذي سجل 9.5 درجات، ويُعتبر الأقوى في التاريخ الحديث.
تسونامي "عمودي" وأمواج عاتية
يقول علماء الزلازل إن هذا النوع من الزلازل يُحدث ما يُشبه "رفعة عمودية لقاع البحر"، مما يدفع مليارات الأطنان من الماء إلى الأعلى فجأة، مولّدًا أمواج تسونامي تنتقل بسرعات هائلة عبر المحيط.
وفي حين أن موجات اليوم لم تصل لحجم تلك التي اجتاحت سواحل آسيا عام 2004، إلا أن الأضرار تبقى محتملة، خصوصًا في المناطق القريبة من مركز الزلزال.
وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها منطقة كامتشاتكا زلزالًا بهذا الحجم، فقد ضربها في نوفمبر 1952 زلزال بقوة 9 درجات، وأسفر حينها عن تسونامي وصل إلى هاواي وتسبب بأضرار كبيرة.
تواصل السلطات في اليابان وروسيا ودول الساحل الهادئ مراقبة مستويات سطح البحر، وسط توقعات بحدوث موجات إضافية، وإن كانت أقل حدة، كما تم تفعيل خطط الطوارئ والإجلاء في عدة مناطق ساحلية.
هزات ارتدادية قد تستمر لأسابيع
سُجلت بالفعل عدة هزات ارتدادية بلغت أقواها 6.9 درجات، وسط تحذيرات من احتمال استمرار هذه الهزات لأيام أو حتى أسابيع، مما يزيد من خطر انهيار البنى التحتية التي تضررت بفعل الزلزال الأولي.
ولفهم الظاهرة، يشرح الجيولوجيون أن الأرض ليست كتلة صلبة واحدة، بل مقسّمة إلى صفائح تكتونية ضخمة تطفو فوق طبقة منصهرة تُعرف باسم الوشاح. عندما تصطدم هذه الصفائح ببعضها، تتراكم ضغوط هائلة تُطلق لاحقًا على شكل زلازل مدمرة.