"إنهاء المهمة".. ترامب يُطلق رصاصة الرحمة على مفاوضات غزة

 د.نبيل العتوم

في لحظة مفصلية قد تغيّر قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريح صارخ، اختصر فيه الموقف الأميركي المتحول من مفاوضٍ يسعى لوقف إطلاق نار، إلى داعم صريح لاستمرار الحرب. "على إسرائيل إنهاء المهمة"، قالها ترامب، لا كمجرد توصيف لواقع، بل كإشارة قاطعة إلى أن الإدارة الأميركية لم تعد ترى في طاولة التفاوض وسيلة واقعية للخروج من مأزق غزة، بل عبئاً تم تجاوزه.

هذا التحول، الذي جاء بعد انسحاب واشنطن من جهود وقف إطلاق النار بسبب ما وصفه البيت الأبيض بـ"سوء نية حماس"، لا يعكس فقط خيبة ترامب من تعثر المفاوضات، بل يكشف عن توجه أميركي جديد قائم على خيار الحسم العسكري لا الدبلوماسي. فالرئيس الأميركي الذي كان يتباهى بقرب التوصل إلى اتفاق شامل قبل أسابيع فقط، عاد الآن ليصف حماس بأنها "تريد الموت"، في تصريح غير مسبوق من حيث القسوة، يشي بأن المقاربة الجديدة لا تضع أي اعتبار سياسي أو إنساني لمآلات الوضع في غزة.

أكثر من ذلك، يبدو أن ترامب لم يعد يجد حاجة حتى لمراعاة الموقف الدولي أو صور الأطفال الجائعين وعمليات الاباده التي تملأ الشاشات، معتبراً أن "الأمر وصل إلى حدٍّ يُجبرنا على إنهاء المهمة"، في تبنٍّ غير مباشر للغة إسرائيلية طالما روّج لها جناحها اليميني، والتي ترى أن الحل لا يكون إلا باجتثاث "حماس" كلياً، مهما كانت الكلفة.

لكن هذا التحول لا يمكن فصله عن عوامل أعمق. فترامب، الذي خابت آماله في نتنياهو بعد ما وصفه بسلوك "مخيب" في غزة وسوريا، ربما يحاول فرض وقائع ميدانية تعزز نفوذ أميركا في مرحلة ما بعد الحرب، مستفيداً من تآكل الزخم الدبلوماسي وتضاؤل فرص التسوية. وفيما يعتبر بأن التصعيد الكلامي قد يكون مجرد تكتيك للضغط على حماس، فإن دلالات الخطاب وخلفيات القرار تقود إلى استنتاج أخطر: واشنطن لم تعد ترى في غزة ساحة تفاوض، بل ميدان تصفية.

إنها لحظة فاصلة، لا تشبه التحولات التقليدية في المواقف الأميركية، بل تتجاوزها إلى ما يشبه إعادة تعريف للسياسة الأميركية تجاه الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي: "إنهاء المهمة" أولاً، والباقي تفاصيل.