العتوم يكتب: "ساعة الحقيقة تقترب: لبنان أمام الزلزال الكبير"
د.نبيل العتوم
يبدو أن ساعة الحسم قد اقتربت، وبدأت الأرضية تتهيأ لزلزال سياسي–عسكري يتجاوز لبنان ليصيب عمق التوازنات الإقليمية. ما كان يُطرح سابقًا كسيناريو افتراضي بات اليوم واقعًا يتبلور على إيقاع مؤشرات ميدانية متسارعة. في هذا السياق، تواصلت معي إحدى الوكالات الإعلامية الدولية البارزة، مستفسرة عن الموقف الإيراني المرتقب، انطلاقًا من قناعة دولية آخذة في الترسخ بأن الضربة الإسرائيلية ضد حزب الله باتت شبه حتمية.
التحضيرات الجارية لا توحي بمجرد تصعيد عابر، بل تشير إلى تغير نوعي في المقاربة: هناك قرار بتفكيك منظومة الحزب لا مجرد ردعها. ورغم ما يصدر من طهران من رسائل تهديد تقليدية، إلا أن الوقائع على الأرض تُظهر أن إيران، المُثقلة بالضربات والهزات وعمليات الاستهداف الممنهج في داخلها وخارجها ، باتت في موقع دفاعي بحت، عاجزة عن الانخراط في مواجهة شاملة قد تفجر أكثر من جبهة وتستنزف ما تبقى من نفوذها.
في هذا السياق الضاغط، لم تعد المبادرة الأميركية ورقة تفاوض، بل مهلة أخيرة: نزع سلاح حزب الله ضمن جدول زمني دقيق مقابل حوافز مشروطة، من بينها الإفراج عن أموال الإعمار وفتح نافذة تنسيق إقليمي. لكن الثمن واضح ومباشر – إنهاء ازدواجية السلاح، واستعادة الدولة اللبنانية لقرارها السيادي بلا مواربة أو تأجيل.
البيئة الحاضنة للحزب بدأت تتآكل، وشرعية "المقاومة" تتهاوى بعد سقوط مزارع شبعا كورقة تبريرية. الحزب، المتخبط في خطاب دفاعي، يحاول كسب الوقت عبر التلويح بالتموضع على الحدود الشرقية، لكن هذا الخيار لا يُقرأ إلا كمناورة ميدانية بلا أفق استراتيجي.
الاستعدادات الإسرائيلية وصلت ذروتها، والحديث داخل غرف القرار لم يعد عن "ردع متبادل"، بل عن ضربة مختلفة في طبيعتها، خاطفة، مركزة، ومُصممة لتفكيك البنية العسكرية للحزب بالكامل، بما يتجاوز أي نمط تصعيدي سابق. لحظة كهذه، إن وقعت، ستكون فاصلة لا للبنان فقط، بل لمعادلات النفوذ في الشرق الأوسط كله.
القرار لم يعد بيد الحزب وحده، بل بات اختبارًا لجدية الدولة وقدرتها على انتزاع سيادتها من قبضة السلاح المفروض. إما أن يُحسم الملف من قلب مجلس الوزراء بقرار وطني جريء، أو يدخل لبنان مرحلة الانهيار الشامل حيث لا دولة تُنقذ ولا مؤسسات تصمد.