بين الجوع والرصاص.. غزة تموت أمام خذلان العالم

 

بينما يموت الصغار والكبار في غزة جوعًا وحرمانًا، تواصل المنظمات الدولية صمتها إزاء المجاعة الكارثية التي تتكشف ملامحها يوما بعد يوم في القطاع المحاصر. فمع شح الطعام، وتقييد إدخاله، وارتفاع أسعاره بشكل غير مسبوق، يعيش سكان غزة على حافة الموت البطيء، في ظل تجاهل أممي لإعلان المجاعة رسميًا رغم توفّر كافة معاييرها.

وفي مشهد مأساوي جديد، فارق الرضيع الفلسطيني يحيى النجار، البالغ من العمر 3 أشهر، الحياة بسبب سوء التغذية، كما حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من تقارير تفيد بانتشار الجوع بين الأطفال والبالغين داخل مستشفيات القطاع.

وكشفت وكالة الأونروا أنها تمتلك مخزونًا غذائيًا كافيًا لإطعام سكان غزة لمدة 3 أشهر، لكنها عاجزة عن إدخاله نتيجة الحصار الإسرائيلي. وناشدت المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإنقاذ أكثر من مليوني إنسان، بينهم مليون طفل، يواجهون خطر الموت جوعًا.

وبحسب تقرير معلوماتي لقناة الجزيرة، فإن الشروط اللازمة لإعلان المجاعة تتوفر جميعها في غزة، من بينها وصول أكثر من 20% من السكان إلى مستويات جوع حاد، وبلوغ نسبة الأطفال الذين يعانون من الهزال الشديد 30%.

وأشار مركز الإعلام الحكومي إلى أن نحو 650 ألف طفل مهددون بالموت بسبب الجوع، إضافة إلى 60 ألف امرأة حامل في خطر حقيقي، نتيجة نقص الغذاء والرعاية الصحية.

وفي أحدث الإحصائيات، أعلنت منظمة اليونيسف أن 112 طفلًا يدخلون المستشفيات يوميًا للعلاج من الهزال وسوء التغذية، بينما بلغ عدد الوفيات بسبب الجوع 620 شخصًا، من بينهم 70 حالة منذ يونيو الماضي فقط.

المأساة تتفاقم في منطقة المواصي بخان يونس، حيث يواجه نحو مليون نازح الموت جوعًا بعد انقطاع المساعدات لأكثر من 100 يوم. ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل صادم، أصبح السكر يُباع بالغرام كأنّه سلعة ثمينة، وتجاوز سعر الطحين 50 دولارًا للكيلو، فيما باتت الخضراوات إن توفّرت تُباع بالدولار للحبة الواحدة.

ورغم كل المعاناة، يضطر الناس لقطع مسافات طويلة تفوق 6 كيلومترات سيرًا للحصول على مساعدات شحيحة من مؤسسة أنشأتها إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة، في رحلة محفوفة بالموت، إذ تطلق قوات الاحتلال الرصاص عمدًا على طالبي المساعدة، ما أدى إلى استشهاد 116 فلسطينيًا اليوم فقط، بينهم 38 خلال محاولتهم الحصول على الطعام.

من جهته، قال مدير مجمع الشفاء الطبي، د. محمد أبو سلمية، إن شخصين فارقا الحياة جوعًا خلال 24 ساعة، مؤكداً أن المجاعة وصلت إلى مراحل متقدمة جدًا. كما أكد مستشفى شهداء الأقصى أن العاملين والمرضى لا يجدون وجبة واحدة، وأن حالات الهزال الشديد في تصاعد مستمر.

ورغم أن الموت يخيّم على غزة بصمت الجوع والرصاص، إلا أن الجهات الأممية لا تزال ترفض إعلان المجاعة رسميًا، ما يطرح تساؤلات جدّية حول الصمت الدولي، والمعايير التي تُمنح للحياة الفلسطينية.