العياصرة لـ"أخبار الأردن": غزة وضعت العالم في مأزق أخلاقي
قال المحلل السياسي الدكتور رامي العياصرة، إن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والممتد منذ ما يقارب العامين، تجاوز كونه مجرد أزمة سياسية أو صراع إقليمي، ليغدو مأزقًا أخلاقيًا عالميًا، كاشفًا عن تصدع المنظومة القيمية التي لطالما تغنت بها المجتمعات الغربية، وعجز القانون الدولي عن توفير الحد الأدنى من الحماية للشعب الفلسطيني.
وأوضح العياصرة في تصريح خاص لـ"أخبار الأردن"، أن ما يتعرض له قطاع غزة يرتقي إلى مستوى "حرب إبادة ممنهجة"، استهدفت المدنيين، والبنية التحتية، والمراكز الصحية، والتعليمية، ومراكز الإيواء، مضيفًا أن فشل المجتمع الدولي في اتخاذ موقف رادع يضع علامات استفهام خطيرة حول جدية التزامه بمنظومة حقوق الإنسان.
وبيّن العياصرة أن جوهر الأزمة يكمن في التواطؤ الصامت للدول الكبرى، والتي لم تكتفِ بالعجز عن ردع إسرائيل، وإنما ذهبت إلى دعمها سياسيا وعسكريا، رغم خرقها الصريح لكل القوانين الدولية، مشددًا على أن ازدواجية المعايير باتت السمة الأبرز للنظام الدولي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الكيان الإسرائيلي تجاوز كل الأعراف والمواثيق، في ظل صمت دولي وصفه بـ"الشراكة السلبية"، معتبرًا أن الدول الغربية، التي طالما روّجت للديمقراطية وحقوق الإنسان، أصبحت اليوم الراعي الأبرز لحرب الإبادة في غزة، في حين تواصل الولايات المتحدة تقديم الدعم العسكري غير المحدود للاحتلال، بما في ذلك تزويده بأنظمة متطورة تُستخدم في استهداف المدنيين العزّل.
وفي السياق ذاته، انتقد العياصرة أداء الدول العربية، واصفًا إياه بـ"العاجز وغير الفعّال"، إذ لم تتمكن – على حد تعبيره – من توظيف الأدوات القانونية والسياسية المتاحة للضغط على إسرائيل أو حتى لوقف نزيف الدم الفلسطيني، مستطردًا أن لدى الدول العربية والإسلامية إمكانات قانونية معتبرة، كان يمكن استثمارها في إدانة الجرائم المرتكبة، والتوجه إلى المحافل الدولية، وخاصة مجلس الأمن، لتفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بهدف إصدار قرار ملزم بوقف العدوان.
ونوّه إلى أن الجرائم التي ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيلية، من تهجير قسري، وإبادة جماعية، واستخدام التجويع كسلاح حرب، تُعدّ انتهاكات جسيمة تستدعي تحركًا قانونيًا واسع النطاق، مرحبًا بخطوات مقاضاة القادة الإسرائيليين أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، مطالبًا بتوسيع نطاق الاتهام ليشمل كل من شارك أو أمر أو نفّذ هذه الجرائم، لا الاكتفاء بنتنياهو ووزير حربه السابق فقط.
وشدد العياصرة على أن العدوان على غزة كشف، بشكل صارخ، تآكل القيم الأخلاقية في السياسة الدولية، أمام تصاعد الوحشية العسكرية، واستخدام التقنيات القتالية المتطورة لاستهداف المدنيين، في ظل غياب أي مساءلة حقيقية.
وفي ختام تصريحه، توقع العياصرة أن تزداد الدعوات لإعادة النظر في هيكلية النظام الدولي، بما في ذلك إصلاح القانون الدولي ومؤسساته، كي تصبح أكثر قدرة على حماية حقوق الشعوب، وضمان عدم تكرار مآسي الحروب والانتهاكات الجماعية، محذرًا في الوقت ذاته من أن استمرار الصمت الدولي سيقود إلى مزيد من النزاعات، ويقوّض السلم والأمن العالميين.
وقال إن ما يجري في غزة اليوم هو معركة على جوهر الإنسانية ذاتها، وعلى المجتمع الدولي أن يختار إما الوقوف إلى جانب العدالة، أو الاستمرار في تسويق شرعية القوة وتطبيع الإبادة.