تحذير من ثغرات قانونية تهدد حقوق آلاف الأردنيين

 

أصدر المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال" ورقة سياسات تحليلية بعنوان "العمل على المنصات الرقمية في الأردن"، سلطت الضوء على واقع آلاف الأردنيين الذين باتوا يعتمدون على التطبيقات والمنصات الرقمية كمصدر دخل أساسي في مجالات مثل توصيل الركاب والطلبات، والعمل التقني عن بعد.

وتكشف الورقة أن هذا الشكل المتسارع من العمل يشكل فرصة اقتصادية حيوية لشريحة واسعة من الشباب الأردني، إلا أنه يتم دون مظلة قانونية تحمي العاملين من المخاطر المهنية أو الفصل التعسفي، مما يزيد من هشاشتهم الاجتماعية والاقتصادية، في ظل غياب تعريف واضح للعمل الرقمي ضمن القوانين الوطنية.

وبحسب التقديرات، يعمل ما يقارب 25 ألف شخص في توصيل الطلبات، و13 إلى 15 ألفاً في خدمات النقل الذكي، و10 إلى 15 ألفاً في العمل الرقمي عن بعد، معظمهم خارج أي تغطية للضمان الاجتماعي، ومن دون تمثيل نقابي أو حماية قانونية واضحة.

وأكدت الورقة أن قانون العمل الأردني الحالي لا يشمل العاملين على المنصات الرقمية، نظراً لاعتماده تعريفاً تقليدياً للعامل يشترط وجود إشراف مباشر من صاحب العمل، متجاهلاً الرقابة الخوارزمية التي تمارسها المنصات. كما أن قانون الضمان الاجتماعي لا يفرض اشتراكاً إلزامياً إلا في حالات وجود علاقة عمل مباشرة، ما يُبقي عشرات الآلاف دون حماية صحية أو تأمينية أو تقاعدية.

وتطرقت الورقة إلى "العمل غير المرئي لصاحب العمل"، حيث تتحكم الخوارزميات في توزيع الطلبات وتقييم الأداء وتحديد الأسعار، من دون أي شفافية أو قواعد للطعن أو الإنصاف، ما يضع العاملين تحت سلطة لا يمكنهم محاسبتها.

كما حذرت الورقة من أن استمرار النمو السريع لهذا القطاع دون تنظيم، والذي قد تصل نسبته إلى 80% خلال السنوات الخمس المقبلة، سيؤدي إلى تعميق مظاهر الاقتصاد غير المنظم، وغياب العدالة الاجتماعية الرقمية، ما لم يتم إدخال إصلاحات تشريعية وهيكلية عاجلة.

وقدم التقرير مراجعة مقارنة لتجارب دولية متعددة، منها إسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وهولندا وبلجيكا والأرجنتين، حيث أُقرت قوانين أو صدرت أحكام قضائية تُعيد تصنيف عمال المنصات كعمال لديهم حقوقهم الكاملة، مع التأكيد على أهمية تجربة منظمة العمل الدولية في إعداد صك دولي جديد ينظم علاقات العمل الرقمية.

وفي ختامها، أوصت الورقة بـ:

* تعديل قانون العمل الأردني ليشمل العاملين تحت الرقابة الخوارزمية أو التبعية الاقتصادية الرقمية.

* إلزام المنصات الرقمية بالمساهمة في الضمان الاجتماعي لحماية العاملين من إصابات العمل والشيخوخة والتعطل.

* فرض شفافية الخوارزميات التي تتحكم بالأجور وتوزيع العمل وتقييم الأداء.

* تمكين العاملين من تأسيس نقابات مستقلة تمثلهم وتدافع عن حقوقهم.

* مشاركة الأردن بفعالية في مسار منظمة العمل الدولية لاعتماد الصك الدولي الخاص بالعمل الرقمي.

* المصادقة على اتفاقية منظمة العمل العربية 2024 حول الأنماط الجديدة للعمل لمواكبة التحولات الرقمية.

وأكد المركز أن هذه الإصلاحات باتت ضرورية لضمان حقوق العاملين وتعزيز العدالة الاجتماعية في ظل اقتصاد رقمي آخذ بالتوسع.