بجرأة ومسؤولية.. الوزير محافظة يفتح أخطر ملفات التعليم العالي

 

في موقف يُحسب له، أبدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة، شفافية وجُرأة لافتة في التعليق على نتائج مؤشر النزاهة البحثية الأخير، الذي صنّف الجامعات الأردنية في مستويات حرجة من حيث التزامها بالمعايير الأخلاقية في البحث العلمي.

وفي وقت كان من الممكن فيه تجاهل النتائج أو التقليل من شأنها، فضّل الوزير محافظة أن يتعامل مع التقرير بواقعية مسؤولة وحرص وطني، مؤكدا أن مواجهة التحديات أفضل من دفن الرأس في الرمال، وأن العمل على إصلاح ما تراكم من اختلالات خلال السنوات الماضية هو الطريق الصحيح لتعزيز مكانة الجامعات الأردنية واستعادة ثقة المجتمع الأكاديمي محليًا ودوليًا.

وقال الوزير في تصريحاته إن "التصنيف يجب أن يكون من خلال تحسين النوعية، وليس بتزوير الأبحاث أو العبث بالاستشهادات العلمية"، مضيفًا أن بعض الجامعات انزلقت نحو ممارسات لا أخلاقية لتحسين تصنيفها، كدفع أموال للمشاركة في مؤتمرات وهمية أو تعيين باحثين فخريين فقط لنسب أبحاثهم للجامعة.

أبرز نتائج مؤشر النزاهة البحثية:

جميع الجامعات الرسمية الأردنية صُنفت خارج الفئات الآمنة:

معظمها في اللون الأحمر (وضع سيئ جداً).

اثنتان في اللون البرتقالي (خطورة مرتفعة).

واحدة في اللون الأصفر (وضع مقلق).

ولا جامعة أردنية صُنفت باللون الأخضر أو الأبيض، اللذين يشيران إلى الوضع الآمن أو الطبيعي.

المؤشر أظهر ارتفاعًا في نسب الأبحاث المزورة أو المبالغ بها، إضافة إلى اعتماد مفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي دون رقابة أو أمانة علمية.

وأكد الوزير أن هذه النتائج جاءت نتاج تراكمات سابقة امتدت على مدى سنوات، بدأت من جامعات خاصة ثم تسربت إلى الرسمية، في ظل غياب الحوكمة الحقيقية لأخلاقيات البحث العلمي.

دعوة إلى إصلاح حقيقي

ورغم قسوة الأرقام، شدد خبراء على أن المرحلة الحالية تمثل فرصة ثمينة للمراجعة والتصحيح، داعيًا الجامعات إلى مراقبة سلوك الباحثين فيها بجدية، ومراجعة آليات الاشتراك في التصنيفات، والسياسات البحثية، ونُظم الحوافز.

كما أكدوا ضرورة أن يكون تحسين التصنيف الدولي مبنيًا على جودة حقيقية وإنتاج علمي رصين، لا على ممارسات تجميلية أو تجارية.

وأشاروا إلى أن موقف الوزير عزمي محافظة خطوة إيجابية نحو ترسيخ الشفافية والحوكمة الرشيدة في منظومة التعليم العالي الأردنية، ورسالة إلى المجتمع الأكاديمي بأن الإصلاح يبدأ بالاعتراف بالمشكلة، وليس بتجاهلها.