الأردن أمام أخطر أزمة مياه في تاريخه (أرقام)
في ظل تصنيفه كأفقر دولة مائيًا في العالم، يواجه الأردن صيفًا قاسيًا ينذر بأزمة مياه خانقة غير مسبوقة، بعد موسم مطري هو الأضعف منذ سنوات، ما تسبب في تراجع خطير في مخزون السدود وتناقص تغذية المياه الجوفية، وارتفاع القلق الشعبي والرسمي من احتمالات تقنين المياه على نطاق أوسع.
وبحسب بيانات وزارة المياه والري، سجل حجم التخزين الكلي في السدود انخفاضًا بنسبة 26% بين عامي 2023 و2024، حيث تراجع من 118.6 مليون متر مكعب إلى نحو 87.5 مليونًا فقط، وهو ما يهدد استقرار التزويد المائي لا سيما في عمّان والزرقاء والمناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
تحذيرات من نقص قد يصل إلى 40 مليون متر مكعب
الناطق باسم وزارة المياه والري، عمر سلامة، أكد أن عجز مياه الشرب خلال صيف 2025 يُقدّر بـ30 إلى 40 مليون متر مكعب، مشيرا للجزيرة إلى أن الوزارة تعمل على إدارة هذا العجز من خلال برامج توزيع دقيقة، تستخدم أنظمة محوسبة تراعي الجغرافيا وعدد السكان، حيث يحصل المشترك على 4 إلى 6 أمتار مكعبة في كل دور مائي.
تراجع الأمطار وتأثيره على الزراعة
من جهتها، حذرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) من تداعيات شح الأمطار على الإنتاج الزراعي في الأردن، خاصة في محافظات إربد وجرش ومادبا، حيث بلغ معدل الهطول نصف المعدل السنوي، ما أدى إلى انخفاض إنتاج القمح والشعير ومحاصيل أخرى، وزيادة المخاوف بشأن الأمن الغذائي.
أسباب تفاقم أزمة المياه
يرى الخبراء أن تفاقم الشح المائي في الأردن ناتج عن عدة عوامل متراكبة:
ضعف الموسم المطري الحالي وتراجع تغذية السدود.
التغير المناخي وزيادة فترات الجفاف.
ارتفاع الاستهلاك نتيجة النمو السكاني واللجوء.
الاعتداءات على مصادر المياه والحفر غير المشروع للآبار.
ضعف البنية التحتية وفاقد المياه بسبب التسربات والسرقات.
من جهته، دعا الخبير في شؤون المياه، دريد محاسنة، الحكومة إلى التحرك العاجل من خلال حفر آبار جديدة، وتعزيز استخراج المياه الجوفية، والرقابة على صهاريج المياه وسرقات الشبكة، والتوسع في مشاريع التحلية بمشاركة القطاع الخاص مع رقابة رسمية على الأسعار.
كما دعا محاسنة إلى تقليص الزراعات الموسمية مؤقتًا هذا الصيف وتوجيه الموارد المائية نحو الاستخدامات المنزلية، في ظل تناقص التزويد المنتظم للمنازل حتى في أفضل المواسم.
حصة الفرد مهددة بالمزيد من التراجع
تشير أرقام وزارة المياه إلى أن حصة الفرد من المياه في الأردن لا تتجاوز 60 مترًا مكعبًا سنويًا، مقارنة بـ500 متر مكعب كمتوسط عالمي. ومع استمرار الانحباس المطري، من المتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى أقل من 30 مترًا مكعبًا خلال السنوات المقبلة.
وضمن محاولات استراتيجية لمواجهة الأزمة، وقع الأردن مؤخرًا عقد إنشاء مشروع تحلية ونقل المياه (الناقل الوطني) لتحلية 300 مليون متر مكعب سنويًا من مياه البحر في العقبة، ونقلها إلى عمّان. ويُتوقع أن يُسهم المشروع في تقليص الفجوة المائية بشكل مستدام ضمن خطة التحديث الاقتصادي التي تتبناها المملكة.