هاشم عقل يكتب : «أوبك+» ترفع إنتاجها النفطي بـ548 ألف برميل يومياً في آب.. خطوة لاستعادة الحصة السوقية

   هاشم عقل 

في تحوّل استراتيجي لافت، أعلن تحالف أوبك+ عزمه رفع إنتاجه النفطي بمقدار 548 ألف برميل يومياً خلال شهر أغسطس/آب المقبل، وهي زيادة تفوق تلك التي أُقرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ويأتي هذا القرار في وقت يسعى فيه التحالف إلى استعادة جزء من حصته السوقية التي فقدها لصالح منتجين مستقلين خلال فترة خفض الإمدادات التي استمرت لعدة شهور، بهدف موازنة العرض والطلب والحفاظ على استقرار الأسواق.

زيادة مدروسة تتجاوز التوقعات.

الزيادة الجديدة تمثل إشارة واضحة إلى أن التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، بدأ بتعديل نهجه، إذ يبدو أن التركيز لم يعد منصباً فقط على دعم الأسعار عبر خفض الإمدادات، بل أيضاً على الدفاع عن المواقع التنافسية لأعضائه في سوق تعيش تحولات سريعة.

وتفوق هذه الزيادة الجديدة تلك التي أقرت خلال أشهر (مايو ويونيو ويوليو)، ما يعكس ثقة التحالف بقدرة السوق على استيعاب كميات إضافية من النفط دون أن يؤدي ذلك إلى انهيار الأسعار.

أسواق النفط تترقب رد الفعل

رغم أن أسعار النفط شهدت استقراراً نسبياً خلال الأسابيع الأخيرة، إلا أن قرار أوبك+ قد يؤدي إلى ضغط هبوطي على الأسعار، خاصة إذا لم يكن هناك ارتفاع موازٍ في الطلب العالمي، لا سيما من الصين، التي تعد أكبر مستورد للطاقة في العالم، ومن الاقتصادات الكبرى الأخرى.

 الأسواق ستراقب عن كثب توازن العرض والطلب في النصف الثاني من عام 2025، إذ أن أي تباطؤ في النمو العالمي قد يحول الزيادة في الإنتاج إلى عبء، ويعيد المخاوف من تخمة في المعروض.

منافسو أوبك+ في موقف حساس.

الخطوة الأخيرة قد تشكل ضغطاً مباشراً على منتجي النفط من خارج التحالف، لا سيما في الولايات المتحدة، حيث تواجه صناعة النفط الصخري تحديات من حيث التكاليف والقدرة على المنافسة في ظل انخفاض الأسعار. وفي حال استمرت أوبك+ في رفع الإنتاج خلال الأشهر المقبلة، فقد تجد هذه الشركات نفسها مجبرة على تقليص الإنتاج أو إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية.

مكاسب اقتصادية لدول التحالف.

من جهة أخرى، قد تسهم هذه الزيادة في تحقيق مكاسب مالية فورية للدول الأعضاء، إذ أن رفع الكميات المنتجة قد يعوض عن أي تراجع محتمل في الأسعار، ويمنح الدول المصدرة هامشاً أفضل لمواجهة أعباء الموازنات العامة، خاصة في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف التمويل.

 توازن دقيق واستراتيجية متغيرة

قرار أوبك+ الأخير يمثل محاولة للعودة إلى معادلة توازن جديدة بين الحفاظ على الاستقرار السعري واستعادة النفوذ في السوق العالمية. ومع أن الخطوة تأتي محسوبة، إلا أن تداعياتها ستعتمد بشكل أساسي على استجابة الأسواق، وعلى تطورات الاقتصاد العالمي خلال الأشهر المقبلة.