المستوطنون يتحولون إلى ميليشيا متمردة في الضفة الغربية
قال الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أيمن الحنيطي، إنه في ظل تفكك منظومة الضبط الأمني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، يتنامى نفوذ المستوطنين، وتتسع دائرة عنفهم، حتى باتوا ــ وفق توصيفات أمنية إسرائيلية ــ ميليشيات خارجة عن السيطرة.
وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تعيين وزير إضافي داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية، يكون مسؤولًا عن إدارة الضفة الغربية، إلى جانب وجود إيتمار بن غفير وزيرًا للأمن القومي، المعروف بمحاماته عن "فتية التلال" المتطرفين، شكّل مؤشرًا إضافيًا على انتقال المؤسسة الحاكمة في إسرائيل من موقع المهادنة إلى موقع الرعاية المباشرة لهذا العنف.
وبيّن الحنيطي أن هذا التوصيف لم يعد حكرًا على الفلسطينيين أو الإعلام المناهض، وإنما أصبح محل شكوى حتى من داخل النخبة الأمنية والسياسية الإسرائيلية نفسها، فعلى سبيل المثال، نشرت وسائل إعلام عبرية مؤخرًا معطيات رسمية تشير إلى ارتفاع غير مسبوق في حجم الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين، لتسجّل خلال فترة قصيرة أكثر من 717 اعتداء، مقارنة بـ300 فقط في الفترة ذاتها من العام الماضي.
ونوّه إلى أن ما يحدث ليس سلسلة اعتداءات عشوائية فحسب، بقدر ما يعد تعبيرًا عن عقيدة أيديولوجية متطرفة تستبطن هدفًا استراتيجيًا يتمثل في إرغام الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم قسرًا، وخلق بيئة من الرعب تجعل التهجير الذاتي خيارًا "عقلانيًا".
وأردف الحنيطي أن جيش الاحتلال، في نظر كثيرين، بات شريكًا في تغذية هذا الانفلات، فالمؤسسة العسكرية التي يفترض أن توفر الحماية للفلسطينيين، انسحبت فعليًا من دورها القانوني، بل وغالبًا ما توفّر غطاءً للمستوطنين، أو تقف متفرجة على عربدتهم.
يستغل هؤلاء المستوطنون الغطاء السياسي المقدم لهم من حكومة نتنياهو، والدعم المالي المستمر من وزير المالية سموتريتش، الذي لم يوقف تمويل المستوطنات رغم الأزمة المالية التي تعيشها إسرائيل منذ بدء العدوان على غزة، وفقًا لما قاله لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وذكر الحنيطي أن وزير الأمن القومي بن غفير، يتباهى بأنه نجح في تشكيل أكثر من 1400 فصيل "تدخل سريع" داخل المستوطنات، وتم توزيع أكثر من 100,000 قطعة سلاح على هؤلاء خلال الأشهر الماضية، في معطيات تعزز المخاوف من تحوّل المستوطنين إلى ميليشيا مسلحة خارج الإطار الرسمي، حتى بات بعضهم يعتدي على جنود الجيش أنفسهم.
وأشار إلى أن حكومة نتنياهو لا تأبه فعلًا لموقف المجتمع الدولي أو إداناته، فلطالما تعاملت الحكومات الإسرائيلية مع سلوك المستوطنين باعتباره "حالات فردية" أو "تجاوزات"، وفصلت عمدًا بين هؤلاء وبين المشروع الاستيطاني المنظم، رغم أن الرعاية السياسية والأمنية والمالية لهم كانت دائمًا حاضرة.