العتوم لـ"أخبار الأردن": اختراق استخباراتي إسرائيلي غير مسبوق في الداخل الإيراني
حذّر مدير برنامج الدراسات الإيرانية في مركز الدراسات الإقليمية، الأستاذ الدكتور نبيل العتوم، من مستوى غير مسبوق للتغلغل الاستخباراتي الإسرائيلي في عمق المؤسسات الإيرانية، معتبرًا أن ما يجري يتجاوز كونه عمليات تجسس تقليدية ليبلغ حدّ التأثير على هيكل النظام ومراكز نفوذه.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ المعطيات الميدانية خلال السنوات الماضية تكشف عن نجاح جهاز «الموساد» الإسرائيلي في تحقيق اختراقات نوعية داخل الدوائر الحساسة، شملت حتى المسؤولين المباشرين عن مكافحة التجسس، مستشهدًا بما صرّح به الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، حين كشف أن مسؤول مكافحة التجسس ضد إسرائيل في وزارة الاستخبارات الإيرانية تبيّن أنه ذاته مجنّد لصالح "الموساد".
وأشار العتوم إلى سلسلة من العمليات النوعية التي نفّذتها إسرائيل داخل إيران خلال العقد الأخير، بدءًا من سرقة الأرشيف النووي الإيراني عام 2018، ومرورًا باغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في قلب طهران عام 2020، ووصولًا إلى عمليات استهداف لقيادات مسؤولة عن البرنامج الصاروخي والطائرات المسيّرة، مضيفًا أنّ هذه الاختراقات امتدّت إلى بناء شبكات لوجستية وبنى تحتية داخل الأراضي الإيرانية، بما في ذلك قواعد لإطلاق طائرات مسيّرة شبحية استُخدمت في ضرب مواقع نووية وعسكرية داخل إيران.
وتابع مؤكدًا أنّ الخطير في المشهد يتمثّل في أنّ «الموساد» لم يكتفِ باستهداف البرنامج النووي أو الدفاعي، وإنما تمكّن أيضًا من الوصول إلى معلومات عالية الحساسية حول نشاط وكلاء إيران وأذرعها في الإقليم، بما في ذلك حزب الله اللبناني وقيادات الصف الأول في الحرس الثوري، مستطردًا أن اعتقال نائب وزير الدفاع الإيراني السابق علي رضا أكبري بتهمة التجسس وتسريب معلومات استراتيجية حسّاسة حول منشأة "فوردو" النووية، وهو ما يُظهر حجم الهوّة الأمنية داخل المنظومة الإيرانية.
وأشار العتوم إلى أنّ السلطات الإيرانية كثّفت من حملات الإعدام العلنيّة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، في محاولة لبثّ الخوف وردع أي محاولات جديدة للاختراق، معتبرًا أنّ هذه السياسة أقرب إلى "معالجة ظاهرية" لا تعالج أصل المشكلة، بقدر ما تُستخدم أيضًا لتصفية حسابات سياسية داخلية وإسكات الأصوات المعارضة، خاصة في ظل التراجع الشعبي عن الإيمان بشعارات الثورة نتيجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة.
وحذّر من أنّ حالة الاختراق الاستخباراتي الراهنة لا تهدد الأمن الداخلي الإيراني فحسب، فهي تمسّ مباشرة بقدرة طهران على حماية شبكاتها الإقليمية، ما يُنذر بمزيد من الضربات المركّزة ضد نفوذها الخارجي في المرحلة المقبلة.