أسرار وقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية
• تدمير قبرص وضياعها بحرب أهلية تركية يونانية هو سر وقف حرب إيران
• قبرص: المجال الحيوي الرخو وهدف انتقام روسي-إيراني
• بريطانيا رأس الحربة في دعم أوكرانيا… والسبب الخفي لترقّب روسيا
• قواعد بريطانيا في قبرص وديغو غارسيا بين العجز والخوف من الرد الروسي-الإيراني
• انكشاف الحجم الهائل للدور الأوكراني في نجاح المفاجأة الإسرائيلية
• زيارة عراقجي المفاجئة إلى موسكو ولقائه بوتين… ما قبل وقف النار
• روسيا تستبق بانخراط ميداني مباشر تحسّبًا لانهيار الحليف الإيراني
• جبهات تتقاطع من جنوب لبنان إلى دونيتسك وخيرسون… والمرحلة القادمة أشد خطورة
• قضم أقاليم المعادن الثمينة في أوكرانيا… ضربة روسية لمشروع النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي
• جبهات تمتد من قزوين إلى قبرص… ودوائر نيران تنتظر من يشعل فتيلها مجددًا
قال الخبير العسكري محمد المغاربة إن وقف التصعيد العسكري الأمريكي ضدّ إيران لم يكن قرارًا تكتيكيًا عابرًا بقدر ما كان نتاج قراءة شديدة العمق للمشهد الجيوسياسي المترابط، حيث تكشّفت أخطار وتداعيات يتجاوز صداها حدود الخليج لتصل إلى شرق المتوسط وبحر قزوين وعمق أوراسيا.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن أحد مفاتيح هذا التراجع الأمريكي، وما تبعه من انكفاء بريطاني، يرتبط مباشرةً بما انكشف من دور قبرص في الحسابات الاستراتيجية، فقبرص، بموقعها الجغرافي الفريد، تحوّلت إلى قاعدة احتياطية حيوية لإسرائيل وللقوى الغربية، حيث نُقلت إليها طائرات مدنية وجزء من الاحتياط العسكري الإسرائيلي لتكون جاهزة للمشاركة أو للإسناد في حال توسعت الحرب ضد طهران، لكن تلك الورقة الاستراتيجية نفسها انقلبت عبئًا ثقيلًا، إذ وجدت بريطانيا نفسها عاجزة عن المغامرة بقواعدها في قبرص وديغو غارسيا بعد أن أدركت حجم الخطر الانتقامي الروسي - الإيراني المحتمل، خاصة مع وجود حزب الله على الضفة المقابلة كسيف مسلّط يمكنه إرباك المشهد بضربات نوعية يصعب صدّها.
ويعود هنا إلى الواجهة التهديد الذي أطلقه حسن نصر الله ضد قبرص قبل اغتياله، والذي بدت أهميته أشبه بإنذار استباقي بأن توسيع الحرب سيستجلب ردًا مدمرًا في الخاصرة الرخوة للغرب، ويفتح الباب أمام حرب أهلية تركية - يونانية تُفجر الجزيرة وتقلب شرق المتوسط رأسًا على عقب، وفقًا لما قاله المغاربة.
وأشار المغاربة إلى أن روسيا لم تغفر لبريطانيا دورها القيادي في دعم أوكرانيا، لا من حيث التمويل والتدريب العسكري والاستخباراتي فحسب، وإنما أيضًا بكونها رأس الحربة في العقوبات التي كبّلت الاقتصاد الروسي واحتجزت أصوله، لذا، كان دخول بريطانيا رسميًا في حرب ضد إيران سيُعطي موسكو الذريعة لتوجيه ضربة مضاعفة: عقابًا مباشرًا، وتحقيقًا لمكاسب استراتيجية في المتوسط، خصوصًا مع انكشاف قبرص كهدف جاهز للانتقام عبر عمليات سرية مركّبة يشارك فيها الحلفاء الإقليميون كحزب الله، إضافة إلى تنسيق محتمل مع قوى تركية وقبرصية تركية لاستغلال اللحظة التاريخية وتغيير توازن الجزيرة إلى الأبد لصالح أنقرة.
في موازاة ذلك، تكشّف حجم التعقيد الميداني مع انكشاف تورط أوكراني عميق في الضربات الإسرائيلية الأولى ضد إيران، مضيفًا أن عملاء أوكرانيون بخبرات عسكرية فائقة وتدريبات خاصة، انتحلوا جنسيات دول مجاورة كتركمانستان، وأوزبكستان، وأذربيجان، مستغلين تشابه الملامح وإتقانهم للغة الروسية والمحلية، ليكونوا رأس الحربة في الاختراق الأمني الذي دمّر أجزاء من منظومة الدفاع الجوي الإيرانية واغتال قادة أساسيين.
ونوّه المغاربة إلى أن هذا الاكتشاف دفع سريعًا إلى مسارعة التنسيق الروسي - الإيراني، وتكثيف اللقاءات في أعلى المستويات؛ مثل زيارة عراقجي إلى موسكو ولقائه بوتين قبيل وقف إطلاق النار، ما يعكس تحضيرًا لجولات لاحقة ستكون أشد خطورة وأوسع نطاقًا، تمتد من جنوب لبنان إلى دونيتسك وخيرسون حيث تتحرك روسيا لتسريع قضم مناطق المعادن الثمينة التي تشكل جوهر اتفاقاتها مع أوكرانيا، بما يحرم واشنطن وحليفتها إسرائيل من نفوذ استراتيجي كانتا تراهنان عليه في تلك الأقاليم.
وذكر أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع حزب الله تبدو جزءًا من محاولة استباقية لشلّ أو تفكيك الإمكانات التي كانت مهيّأة للدخول في المرحلة الثانية من الرد الإيراني إذا استمرّت الحرب، ومع ذلك، فإن استمرار هذه الضربات يحمل في طياته اعترافًا إسرائيليًا وأمريكيًا بأن عمليات تدمير الأذرع - التي نُفذت خلال العام ونصف الماضي - لم تكتمل ولم تنجح في تحييد تأثيرها.
واختتم المغاربة حديثه بالإشارة إلى أن هناك لوحة أعقد بكثير مما تبدو عليه، فوقف الحرب لم يكن نتاج ضعف مفاجئ، وإ،ما اعتراف صريح بأن الإقدام على مواجهة شاملة سيُشعل حروبًا متراكبة، ويستدرج روسيا وتركيا وحزب الله إلى ميدان أوسع، بينما تبقى إيران - رغم الضربات - محتفظة بعمق استراتيجي وتحالفات قادرة على إعادة قلب الطاولة، فجبهات ستمتد من قزوين إلى قبرص، ودوائر نيران تنتظر من يشعل فتيلها مجددًا.