العين شرحبيل ماضي: القطاع السياحي يُدار بعشوائية ويخسر أسواقًا بسبب غياب التخطيط

 

 

•    قطاع السياحي هشّ ومتأثر سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا

•    الربيع العربي وكورونا والحروب أضعفت الثقة بالقطاع

•    السياحة الأردنية تدار بعقلية أقرب للفزعة لا بخطط مؤسسية

•    الحرب الأوكرانية حرمت الأردن من أسواق شرق أوروبا

•    غياب الرسائل الدولية.. وصورة الأردن الآمن لا تصل للخارج

•    السياحة تمر بأزمة إلغاءات جماعية تمتد لنهاية العام

•    أسواق بديلة مثل الصين وروسيا أثبتت جدواها رغم الأزمات

•    أرقام السياحة مشكوك بها.. والدخل السياحي بحاجة لتدقيق

•    السياحة تساهم بـ16% من الناتج المحلي.. والمطلوب تشريعات

•    التسويق الإلكتروني والمؤثرون.. أدوات مهملة في الترويج

•    السياحة الأردنية بحاجة لاستراتيجية استدامة لا خطط طوارئ

قال العين شرحبيل ماضي إنه وفي ظل أزمات متلاحقة تعصف بالإقليم، يتكشّف واقع هش للقطاع السياحي الأردني، وسط غياب خطط الاستدامة وتراجع ثقة المستثمرين، ما ينذر بخسائر مركبة في أحد أبرز روافد الاقتصاد الوطني.

وأوضح لدى حديثه خلال جلسة "ارتدادات الصراع: التداعيات الاقتصادية للحرب الاسرائيلية الايرانية على الاردن"، المُنظّمة من قبل مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، أن القطاع السياحي تأثر منذ العام 2010 بسلسلة أزمات بدأت بالربيع العربي، مرورًا بجائحة كورونا، ثم العدوان الإسرائيلي على غزة، وأخيرًا التصعيد بين إيران وإسرائيل، وهو ما شكّل بيئة طاردة للاستثمار السياحي، ومصدر قلق دائم للعاملين في القطاع.

وبيّن ماضي أن نسبة السياحة في ذروة أزمة الربيع العربي، تراجعت إلى أقل من 10% مقارنة بأرقام عام 2010، الذي شكّل حينها ما يُشبه "الخط الزمني الذهبي" للسياحة الأردنية، ورغم التعافي النسبي بين 2016 و2019، لم تكن هناك خطط مؤسسية كفيلة بتثبيت هذا الانتعاش.

وانتقد نمط إدارة القطاع، واصفًا إياه بأنه "أقرب إلى الفزعة" وليس التخطيط الاستراتيجي، خاصة في الأزمات الكبرى، مضيفًا أن هذا النمط العشوائي، بحسب رأيه، أضرّ بمناخ الاستثمار، وكرّس صورة سلبية عن الأردن كمقصد سياحي في الأسواق العالمية، رغم تمتعه بأعلى مستويات الأمان في الإقليم.
وتابع: "للأسف، لا تُبذل جهود كافية للفصل بين الأردن وبين محيطه المشتعل سياسيًا وأمنيًا، رغم أنه ليس طرفًا في هذه الصراعات، لكن القرب الجغرافي يحمله تبعات لا يتحملها".

ونوّه ماضي إلى أن حادثة إسقاط الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ في 2018 كانت فرصة استثنائية استثمرها الأردن، إذ تم تحويل نحو 40% من السياحة الروسية إلى منطقة العقبة والمثلث الذهبي، وهو ما انعكس في تسجيل 1.5 مليون سائح في 2019، لكن عدم البناء على هذه النجاحات حال دون استدامتها.

كما أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على السياحة القادمة من أوروبا الشرقية، لا سيما من روسيا، أوكرانيا، كازاخستان، وأوزبكستان، ما يؤكد ضعف المرونة في تنويع الأسواق وغياب البدائل الاستراتيجية، وفقًا لما ذكره، مضيفًا في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الأردن – ورغم أنه - يُعد من أكثر الدول أمانًا في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الحقيقة لا تصل بالصورة المطلوبة إلى الأسواق الدولية.

وشدد على ضرورة تحرك هيئة تنشيط السياحة والسفارات الأردنية لإيصال رسائل طمأنة مدروسة، عبر أدوات تسويق حديثة، تشمل الرحلات الاستطلاعية (FAM Trips)، وتفعيل دور المؤثرين، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتسويق المباشر بين الأفراد (C2C)، بدلًا من النمط التقليدي القائم على المجموعات السياحية.

في ظل التصعيد المستمر في غزة والضفة الغربية، والحرب بين إيران وإسرائيل، رُصدت موجة إلغاءات لمجموعات سياحية كانت مقررة حتى نهاية العام، رغم أن هذه الفترة تُعد ذروة الموسم السياحي في الأردن، لافتًا الانتباه إلى أن التركيز على الأسواق الأقل تأثرًا سياسيًا – مثل السوق الصيني والروسي – أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل، لأن تلك الأسواق أثبتت مرونتها خلال فترات الأزمات الإقليمية السابقة.

من الإشكاليات الكبرى، بحسب ماضي، أن الأرقام التي تُنشر حول أعداد السياح والدخل السياحي تفتقر للدقة، ذلك أن السائح الحقيقي هو من يمكث أكثر من ليلة ويترك أثرًا اقتصاديًا واضحًا، مشيرًا إلى 
أن البنك المركزي يُقدر مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 14 و16%، وهي نسبة قابلة للزيادة إلى 17% إذا ما توفرت التشريعات والحوافز والدعم الحكومي الكافي.

ودعا ماضي إلى دعم هيئة تنشيط السياحة ماليًا ولوجستيًا لضمان تواجد دائم في معارض السفر الدولية، مثل سوق لندن، برلين، مدريد، باريس وميلانو، فضلًا عن أسواق شرق آسيا، مشددًا على ضرورة استثمار وسائل الإعلام الجديدة، والتواصل الرقمي المباشر مع الأسواق المستهدفة، وتفعيل دور المؤثرين في عرض صورة الأردن كبلد آمن ومضياف، ومقصد فريد على خارطة السياحة العالمية.